المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

110

بالأهمّ، وهذان المقتضيان متنافيان لا محالة.

وقوله: إنّ الأمر بالمهمّ لا يقتضي ترك الأهمّ؛ لكونه مشروطاً بترك الأهمّ، صحيح، لكن ماذا يقصد بقوله: إنّ الأمر بالأهمّ لا يقتضي ترك المهمّ على تقدير ترك الأهمّ؟ إن قصد بذلك أنّه لا يقتضي ترك المهمّ اقتضاءً مقيّداً بتقدير ترك الأهمّ، فهذا صحيح، لكن يكفي لفرض المنافاة بين المقتضيين كون الأمر بالأهمّ مقتضياً لترك المهمّ في ظرف ترك الأهمّ، لا مقيّداً بترك الأهمّ، بل مطلقاً. وإن قصد بذلك أنّه لا يقتضي ترك المهمّ في هذا الظرف ولو مطلقاً، فهذا غير صحيح؛ إذ الأمر بالأهمّ في ظرف ترك الأهمّ موجود، إمّا بالإطلاق كما نحن نقول، أو بذاته كما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، فهو ـ لا محالة ـ يقتضي التقريب إلى فعل الأهمّ، وبالتالي يقتضي التبعيد عن ضدّه وهو المهمّ، على حدّ اقتضائه للتبعيد عن الضدّ فيما لو كان الأمران عرضيّين الموجب لمصادمة الأمرين.

وإن كان مقصوده(رحمه الله) أنّه لا تصادم بين الاقتضاءين بالرغم من ثبوت المنافاة بين المقتضيين؛ وذلك لأنّه متى ما كان أحد الاقتضاءين متوقّفاً على عدم تأثير اقتضاء الآخر، لم يتصادم الاقتضاءان، على ما سوف يأتي بيانه ـ إن شاء الله ـ عند ذكر التقريب المختار لإمكان الترتّب. وما نحن فيه من هذا القبيل، فاقتضاء الأمر بالمهمّ قد رُتّب على عدم تأثير الأمر بالأهمّ، فلا منافاة بينهما.

فهذا الكلام صحيح، إلاّ أنّ هذا لا يمتّ إلى كون انحفاظ الأمر بالأهمّ في ظرف تركه، بالإطلاق الأوّليّ أو النتيجيّ أو بذاته، بصلة. فسواءً فُرض انحفاظه بالإطلاق أو بنتيجة الإطلاق أو بذاته، فمادام الأمر بالمهمّ كان مشروطاً بترك الأهمّ، فنكتة إمكان اجتماع الأمرين محفوظة؛ حيث إنّ اقتضاءه موقوف على عدم تأثير اقتضاء الآخر، فلا يتنافى الأمران. واختلاف الأمر بالمهمّ والأمر بالأهمّ في سنخ انحفاظهما على تقدير ترك الأهمّ ليس له أيّ تأثير في ذلك؛