المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

108

والآخر: امتناعه باعتباره واجداً لكلا محذوري التقييدين، أي: التقييد بالفعل والتقييد بالترك. وهذا أيضاً ممنوع؛ فإنّ المحذور في التقييد متى ما كان مصبّه ذات تلك الحصّة من الحكم، كما هو الحال في محذور تقييد الحكم بالعاجز، ثبت ذلك المحذور في الإطلاق أيضاً. أمّا إذا كان المحذور في التقييد كما هو الحال فيما نحن فيه، فهذا المحذور لا يسري إلى الإطلاق؛ فإنّ الإطلاق رفض للقيود وليس تجميعاً لها.

وأمّا الجانب الإيجابيّ ـ وهو الانحفاظ الذاتيّ للحكم على تقديري الفعل والترك، بدعوى: أنّه بذاته يتعرّض إلى حال هذين التقديرين، ببناء أحدهما وهدم الآخر ـ فيرد عليه: أنّ هدم الحكم لأحدهما وبناءه للآخر فرع وجوده في ذينك التقديرين، ووجود الحكم في تقدير فرع أن ينطبق عليه موضوعه الذي جُعل الحكم على تقديره بنحو القضيّة الحقيقيّة، وانطباق الموضوع على أيّ فرض وتقدير لا يكون إلاّ بتقيّده به أو بإطلاقه له، والانحفاظ الذاتيّ لا معنى له.

وأمّا النقطة الثانية: فحاصلها أنّ نسبة التقادير ـ التي يثبت الحكم عليها ـ إلى الحكم نسبة العلّة إلى المعلول في الأوّلين، ونسبة المعلول إلى العلّة في الأخير. ففي الأوّلين لا يتعرّض الحكم لهدم ذلك التقدير أو بنائه، بخلافه في الأخير.

أقول: إنّه في صورة التقييد نقبل كون نسبة التقدير ـ الذي قيّد به الحكم ـ إلى الحكم نسبة العلّة إلى المعلول؛ لأنّه دخل في موضوعه وصار الحكم معلّقاً عليه، فإذا قُيّد الحكم بوجوب إكرام العالم بالعدالة، كان الحكم في طول العدالة. أمّا إذا اُطلق الحكم بوجوب إكرام العالم، فلا معنى لكون الحكم في طول العدالة؛ إذ لا توقّف له على العدالة.

وما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في مقام إلحاق الإطلاق بالتقييد: من أنّ الإطلاق بديلٌ للتقييد، فهو في مرتبته، فإذا كان ثبوت الحكم في مورد بالتقييد في طول