المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

107

لأحدهما بالآخر، فلا معنى للتصادم بين الأمرين المقتضيين.

أقول: إنّ كلّ واحدة من هذه النقاط الثلاث ـ التي جزّأنا إليها كلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله) ـ لا تخلو من مناقشة:

أمّا النقطة الاُولى: فحاصلها أنّ انحفاظ الحكم في موارد التقسيمات الأوّليّة بالإطلاق والتقييد الأوّليّين، وفي موارد التقسيمات الثانويّة بمتمّم الجعل، وبلحاظ الفعل والترك بالذات.

أقول: أمّا كون الانحفاظ في التقسيمات الثانويّة بمتمّم الجعل لا بالإطلاق والتقييد الأوّليّين، فقد طبّقه المحقّق النائينيّ(رحمه الله) أيضاً في بحث التعبّديّ والتوصّليّ على قصد الامتثال، بدعوى: أنّ الانقسام إلى قصد امتثال الأمر وعدمه انقسام ثانويّ. وقد وضّحنا هناك: أنّه في كلّ مورد لم يكن برهان على استحالة التقييد، فالتقييد والإطلاق كلاهما ممكن. وفي كلّ مورد أمكن البرهنة على بطلان التقييد تعيّن الإطلاق، على ما هو المختار من أنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد ليس هو تقابل العدم والملكة، بل تقابل السلب والإيجاب.

وأمّا كون الانحفاظ بلحاظ الفعل والترك ذاتيّاً لا بالإطلاق والتقييد، فهذا الكلام ينحلّ إلى جانب سلبيّ، وهو عدم معقوليّة الإطلاق والتقييد في المقام، وجانب إيجابيّ، وهو الانحفاظ الذاتيّ للحكم:

أمّا الجانب السلبيّ فما اشتمل عليه من عدم معقوليّة التقييد واضح، فلا يعقل تقييد وجوب الإكرام ـ مثلا ـ بالإكرام أو بتركه. وأمّا عدم معقوليّة الإطلاق فقد جاء في عبارة المحقّق النائينيّ(رحمه الله) تعبيران لتوضيحه:

أحدهما: امتناع الإطلاق بامتناع التقييد، من باب أنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة. وهذا ممنوع؛ لما نقّحناه في محلّه من أنّ التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب، لا العدم والملكة.