المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

103

التقريب الثالث: أن يقال: إنّ النظر ليس إلى فرضيّة كون الشرط شرطاً حقيقيّاً بكلّ شقوقه الثلاثة الماضية، وإنّما النظر إلى الشقّ الثالث فقط، وهو كون الشرط بوجوده العلميّ باعثاً للدّاعي في نفس المولى نحو جعل الحكم، فيقال: لو بنينا على هذا بطل الترتّب، ولو بنينا على أنّ الشرط يرجع إلى الموضوع صحّ الترتّب.

وتوضيح ذلك: أنّه لو رجع الشرط إلى الموضوع فالأمر بالمهمّ مقيّد بعصيان الأهمّ، فيستحيل أن يكون بنفسه داعياً إلى العصيان وحافظاً لشرطه حتّى يزاحم الأهمّ. بينما لو كان الشرط بوجوده العمليّ شرطاً ـ أي: داعياً للمولى نحو جعل الحكم ـ فمعنى ذلك أنّ المولى بنفسه يحرز تحقّق عصيان الأهمّ، فيحكم بالإتيان بالمهمّ، وهذا الحكم ليس مقيّداً بالعصيان، كما هو الشأن في كلّ شرط يحرزه المولى بنفسه ثمّ يحكم من دون أن يأخذ ذلك الشرط قيداً في موضوع الحكم. فمثلا لو أحرز المولى أنّ زيداً فقير فأمر عمرواً بإكرام زيد، وجب على عمرو الامتثال، ولو كان يعلم بخطأ المولى، فإذا لم يكن الأمر بالمهمّ مقيّداً بفرض عصيان الأهمّ، فهو لا محالة يقتضي عصيان الأهمّ ويتصادم مع الأمر بالأهمّ.

وهذا التقريب يناسب بعضاً آخر من عبائر التقريرات، حيث إنّ العبارة مشوّشة وغير مضبوطة. وهذا التقريب صحيح إلاّ أنّه لم يكن ينبغي هنا أن يتعرّض المحقّق النائينيّ(رحمه الله) للتكلّم في هذا المطلب الجانبيّ، وهو: أنّ الشرط هل هو راجع إلى الموضوع وقيوده، أو هو شرط حقيقيّ؟ بل كان ينبغي فرض الفراغ عن كون الشرط قيداً للموضوع، ويبحث رأساً عن النتيجة بأن يقال: إنّ الأمر بالمهمّ حيث إنّه مشروط بعصيان الأهمّ لا يقتضي عصيان الأهمّ؛ لأنّ الحكم المشروط لا يُعقل أن يحفظ شرطه وموضوعه. إذن، فالأمر بالمهمّ لا يصادم الأمر بالأهمّ.

وأمّا المقدّمة الرابعة: فبيانها يكون بذكر ثلاث نقاط:

النقطة الاُولى: أنّ انحفاظ الحكم في أيّ حال وتقدير يكون بأحد أنحاء ثلاثة: