المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

102

التقريب الثاني: أن يقال: إنّ المقصود هو أنّ الشرط كان علّة تكوينيّة، فبحصوله لا تبقى حالة منتظرة ولا يبقى توقّف، بينما لو كان موضوعاً ومعروضاً للحكم فبحصوله لا يخرج عن كونه موضوعاً ومعروضاً له، فالجسم ـ مثلا ـ لو كان معروضاً للبياض، فبتحقّقه خارجاً لا يخرج عن كونه معروضاً له، بل معروضيّته له تكون في ظرف وجوده، بينما لو كان شيء علّة للبياض، فبتحقّقه ينتهي التوقّف ولا تبقى حالة منتظرة.

وهذا معنى: أنّ المشروط بناءً على رجوع الشرط إلى الموضوع لا يخرج بتحقّق الشرط عن كونه مشروطاً، ولكنّه بناءً على خلاف ذلك يخرج بتحقّق الشرط عن كونه مشروطاً. وهذا له أثر في إمكان الترتّب وامتناعه؛ لأنّ نكتة إمكان الترتّب هي: أنّ الأمر بالمهمّ لا يقتضي هدم امتثال الأهمّ؛ لكونه مشروطاً بعدم امتثاله، فإذا بقي مشروطاً بذلك عند تحقّق الشرط فهذه النكتة محفوظة، فيصحّ الترتّب، وإلاّ لم تنحفظ النكتة، فلا يصحّ الترتّب. وهذا هو التقريب الذي يناسب بعض عبائر التقريرات.

إلاّ أنّ هذا التقريب أيضاً غير صحيح؛ فإنّه كما أنّ الموضوع لا يخرج بتحقّقه عن كونه موضوعاً، وتبقى الشرطيّة محفوظة، كذلك العلّة لا تخرج بتحقّقها عن كونها علّة، ويبقى التوقّف محفوظاً، فلو كان عصيان الأهمّ هو العلّة لوجوب المهمّ، فوجوب المهمّ يستحيل أن يقتضي هدم امتثال الأهمّ.

وبكلمة اُخرى: إنّ نكتة صحّة الترتّب هي أنّ المشروط لا يقتضي تحقّق شرطه؛ لأنّ المفروض تحقّقه في مرتبة سابقة، فلو اقتضى المشروط تحقّقه لزم الدور. إذن، فالأمر بالمهمّ لا يقتضي عصيان الأهمّ. وهذا التقريب بعينه يأتي في العلّة؛ فإنّ المعلول لا يقتضي تحقّق علّته؛ لأنّ المفروض أنّ العلّة تحقّقت في مرتبة سابقة، فتحقّق المعلول، فلو اقتضى حصول علّته للزم الدور.