المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

101

التفسير الثاني: أن لا تكون شرائط حقيقيّة للحكم، وإنّما تكون دخيلةً في مصبّ الحكم ومقدّرة الوجود عند الحكم، فالمولى قد أوجب الحجّ على المكلّف المفروض كونه مستطيعاً، وأوجب الصلاة على المكلّف بتقدير زوال الشمس. وهذا هو الصحيح، وهذا هو معنى: أنّ كلّ شرط يرجع إلى الموضوع، وكلّ موضوع يرجع إلى الشرط. وقد تقدّم شطر من الكلام في ذلك في مبحث الواجب المطلق والمشروط.

وهذا هو المختار للمحقّق النائينيّ(رحمه الله) ويدّعي أنّ هذا ينتج أنّ الواجب المشروط لا يخرج بتحقّق شرطه خارجاً عن كونه واجباً مشروطاً، وأنّ هذا له دخلٌ في تصحيح الترتّب. وهذه الدعوى يمكن تقريبها بعدّة تقريبات:

التقريب الأوّل: أن يقال: إنّ المقصود هو أنّ الشرط لو كان شرطاً حقيقيّاً، بمعنى كونه علّة تكوينيّة لوجود الحكم، لا راجعاً إلى الموضوع، إذن كان موضوع الأمر بالمهمّ هو المكلّف، وعصيان الأهمّ إنّما هو حيثيّة تعليليّة، كما أنّ موضوع الأمر بالأهمّ أيضاً هو المكلّف، فالأمران اجتمعا على موضوع واحد، فيتصادمان. بينما لو كان الشرط راجعاً إلى الموضوع، فموضوع الأمر بالمهمّ يصبح هو العاصي، لا مطلق المكلّف، فيكون كلّ من الأمرين على موضوع غير موضوع الآخر، فلا يتصادمان.

وهذا التقريب غير صحيح؛ فإنّ تصادم الأمرين لم يكن بلحاظ عروضهما في عالم الذهن على عنوان واحد حتّى يرفع بتعديد العنوان، وإنّما كان بلحاظ محرّكيّة كلّ منهما بحسب الخارج لشخص واحد إلى جهة غير جهة تحريك الآخر، والتحريك إنّما هو بلحاظ الشخص الخارجيّ، لا بلحاظ العناوين الذهنيّة، فيكفي في الصدام كون العنوانين منطبقين بحسب الخارج على شخص واحد، ومن المعلوم أنّ العاصي والمكلّف في المقام شخص واحد.