المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (8) محــاســبة النفس (2)

6

وعلى أيّة حال، فالاعتصام بالله والفرار إليه ممّا لابدّ منه في تزكية النفس؛ إذ لا حول ولا قوّة إلّا به: ﴿...ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً...﴾(1).

الرياضة ومجاهدة النفس

قال الله تعالى: ﴿وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى. فإنّ الجنة هي المأوى﴾(2).

وقال عزّ من قائل: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين﴾(3).

لاشكَّ في أنّ النفس أمّارة بالسوء، وميّالة للكسل، والدِّعة، ومحبّة للتحرّر من قيود الدين ﴿بل يريد الإنسان ليفجر أمامه﴾(4) إذن لا يمكن حبسها على سبيل الخير والإصلاح إلّا بترويضها ومجاهدتها.

وأيضاً من خواصّ النفس أنّها تخادع نفسها، وتغطّي الحقيقة، وتجعل الإنسان غافلاً عن معايبه، فلابدّ من رياضة النفس ومجاهدتها في كشف المعايب، كما لابدّ من الرياضة في رفعها وتصفية النفس منها.

وقد ذكر بعض(5) أنّ هناك طرقاً أربعة لكشف معايب النفس ينبغي سلوك بعضها؛ لكشف تلك العيوب لغير من كملت بصيرته، فإنّ الله ـ تعالى ـ إذا أراد بعبد خيراً بصّره بعيوب نفسه، فمن كملت بصيرته لم تخْفَ عليه عيوبه، وإذا عرف العيوب أمكنه العلاج، ولكنّ أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم، يرى أحدهم القذى في عين أخيه، ولا يرى الجذع في عين نفسه، فمن أراد أن يقف على عيوب نفسه فله أربع طرق:


(1) السورة 24، النور، الآية: 21.
(2) السورة 79، النازعات، الآيتان: 40 ـ 41.
(3) السورة 29، العنكبوت، الآية: 69.
(4) السورة 75، القيامة، الآية: 5.
(5) راجع المحجة 5/112 ـ 114 نقلاً عن كتاب الإحياء.