المولفات

المؤلفات > مناسك الحج

203

تَسْتَدْرِجْنِي، وَلا تَخْدَعْنِي، وَادْرَأ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإنْسِ».

ثُمّ رفع سلام الله عليه رأسه وعينيه إلى السماء، وكان الدمع ينزل من عينيه كقربتين، وكان يقول بصوت رفيع: «يا أَسْمَعَ السّامِعِينَ، يا أَبْصَرَ النّاظِرِينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ، وَيا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد السّادَةِ الْمَيامِينَ، وَأَسْئَلُكَ اللّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَإن مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَني: أَسْئَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ، يَارَبِّ ياَرَبِّ» فكان(عليه السلام) يكرّر كلمة (ياربّ)، والذين كانوا من حوله كانوا مكتفين بالإصغاء إلى دعائه وقولهم: آمين، فارتفعت أصواتهم معه(عليه السلام) بالبكاء إلى غروب الشمس، ثُمّ حملوا الأثاث إلى جانب مشعر الحرام.

والسيّد بن طاووس(رحمه الله) روى بعد جملة: «يَارَبِّ يَارَبِّ يَارَبِّ» هذا الدعاء: «إِلهي، أَنَا الْفَقيرُ في غِنايَ فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقيراً في فَقْري؟! إِلهي، أَنَا الْجاهِلُ في عِلْمي فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً في جَهْلي؟! إِلهي، اِنَّ اخْتِلافَ تَدْبيرِكَ وَسُرْعَةَ طَوآءِ مَقاديرِكَ مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطآء وَالْيَأْسِ مِنْكَ في بَلاء. إِلهي، مِنّي ما يَليقُ بِلُؤْمي وَمِنْكَ ما يَليقُ بِكَرَمِكَ. إِلهي، وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفي أَفَتَمْنَعُني مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفي. إِلهي، اِنْ ظَهَرَتِ الْمَحاسِنُ مِنّي فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْمَساوي مِنّي فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ. إِلهي، كَيْفَ تَكِلُني وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لي، وَكَيْفَ اُضامُ وَأَنْتَ النّاصِرُ لي، أَمْ كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بي، ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْري إِلَيْكَ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَن يَصِلَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أَشْكوُ إِلَيْكَ حالي وَهُوَ لا