المولفات

المؤلفات > مناسك الحج

194

إلَيَّ، حَتّى إذا أتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأتِي عَلَيْكَ أنْ دَلَلْتَنِي إلَى ما يُقَرِّبُنِي إلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإنْ دَعَوْتُكَ أجَبْتَنِي، وَإنْ سَألتُكَ أعْطَيْتَنِي، وَإنْ أطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي، كُلُّ ذلِكَ إكْمالا لاِنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإحْسانِكَ إلَيَّ، فَسُبْحانَكَ سبحانك مِنْ مُبْدئ مُعِيد حَمِيد مَجِيد، وَتَقَدَّسَتْ أسْماؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ، فَأيَّ نِعَمِكَ يا إلهِي اُحْصِي عَدَداً وَذِكْراً؟! أمْ أيُّ عَطاياكَ؟! أقُومُ بِها شُكْراً، وَهِيَ يا رَبِّ أكْثَرُ مِنْ أنْ يُحْصِيهَا العادُّونَ، أوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِها الحافِظُونَ ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأتَ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ.

وَأنَا أشْهَدُ يا إلهِي بِحَقِيقَةِ إيْمانِي، وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِي، وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ بَصَرِي، وَأسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذارِيفِ مارِنِ عِرْ نِينِي، وَمَسارِبِ سِمَاخِ سَمْعِي، وَما ضُمَّتْ وَأطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ، وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكّي، وَمَنابِتِ أضْراسِي، وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمالَةِ اُمِّ رَأسِي، وَبَلُوعِ فارِغِ حَبائلِ عُنُقِي، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي، وَحَمائِلِ حَبْلِ وَتِينِي، وَنِياطِ حِجابِ قَلْبِي، وَأفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي، وَما حَوَتْهُ شَراسِيفُ أضْلاعِي وَحِقاقُ مَفاصِلِي وَقَبْضُ عَوامِلِي وَأطْرافُ أنامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعُ جَوارِحِي، وَما انْتَسَجَ عَلَى ذلِكَ أيَّام رِضاعِي، وَما أقَلَّتِ الأرْضُ مِنّي وَنَوْمِي وَيَقَظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي، أن لَو حاوَلتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الأعْصارِ وَالأحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أنْ اُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَة مِنْ أنْعُمِكَ، مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إلَّا بِمَنِّكَ المُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ أبَداً جَديداً وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً.