المولفات

المؤلفات > مناسك الحج

193

وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ.

اللّهُمَّ، إنِّي أرْغَبُ إلَيْكَ، وَأشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقرّاً بِأنَّكَ رَبِّي، وَأنَّ إلَيْكَ مَرَدِّي، ابْتَدَأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أنْ أكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُّرابِ، ثُمَّ أسْكَنْتَنِي الأصْلابَ آمِناً لِرَيْبِ المَنُونِ وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ، فَلَم أزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْب إلَى رَحِم فِي تَقادُم مِنَ الأيَّامِ الماضِيَة وَالقُرُونِ الخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي وَإحْسانِكَ إلَيَّ فِي دَوْلَةِ أئِمَّةِ الكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدَى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أنْشَأْتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوَابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، وَأسْكَنْتَنِي فِي ظُلمات ثَلاث بَيْنَ لَحْم وَدَم وَجِلْد، لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إلَيَّ شَيْئاً مِنْ أمْرِي، ثُمَّ أخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى إلى الدُّنْيا تامّاً سَويّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي المَهْدِ طِفْلا صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الغذاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ، وَكَلأتَنِي مِنْ طَوارِقِ الجانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحِيمُ يا رَحْمانُ، حَتَّى إذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالكَلامِ أتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإنْعامِ، وَرَبَّيْتَنِي زَائِداً فِي كُلِّ عام، حَتَّى إذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي، وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي أوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ: بِأنْ ألهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأيَقْظَتْنَىِ لِما ذَرَأتَ فِي سَمائِكَ وَأرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأوْجَبْتَ عَلَيَّ طاَعَتَك َوِعبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي ما جاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَوْ نِكَ وَلُطْفِكَ.

ثُمَّ إذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ الثَّرَى لَمْ تَرْضَ لِي يا إلهِي نِعْمَةً دُونَ اُخْرَى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أنْواعِ المَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظِيمِ الأعْظَمِ عَلَيَّ وَإحْسانِكَ القَدِيمِ