المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

7

وعلى آيّة حال، فالعلاجات الروحية الواردة في القرآن او عن المعصومين (عليهم السلام) حالها حال وصفات أطباء الجسم، أي: إنّه كما تكون وصفة الطبيب نافعة حينما تستعمل في محلّها، أمّا لو استعملت وصفة الطبيب التيوضعها للتيفو مثلاً في ذات الجَنْب، والوصفة التي وضعها لذات الجَنْب في التيفو، لا تنفع بل تضرّ، كذلك الوصفات الروحية الواردة في الكتاب والسنّة، فمثلاً هذه المهلة والسَعَة التي عرفتها في باب التوبة قد وضعت لعلاج مرض اليأس؛ لأنّه لولاها ليأس الذين لم يمارسوا التوبة فور حصول المعصية ولأدّى ذلك إلى تماديهم في الغيّ وهلاكهم، فجعل باب التوبة مفتوحاً أمامهم ما لم يحضرهم الموت. أمّا لو استعملها أحد في مقام تسويف التوبة بحجة أنّه مادامت التوبة مقبولة قبل حضور الموت، والسنة كثيرة، والشهر كثير، والجمعة كثيرة، واليوم كثير، فلا داعي لي إلى الاستعجال بالتوبة وحرمان النفس من اللذات والشهوات، فقد اصبحت الوصفة هنا مضرّة لا نافعة؛ لأنّ تأجيل التوبة وتسويفها يجعل الإنسان بين خطرين: خطر مباغتة الموت وحيلولته بين الإنسان والتوبة، وخطر اشتداد رين القلب بالتمادي في الذنوب إلى أن ينحرم من التوبة ولا يتوفّق لها.

وقد ورد عن إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجّي التوبة بطول الأمل، يقول فيالدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين...». إلى أن قال: «... إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، وسوّف التوبة...»(1).

وقد رُوِيَ عن لقمان أنّه قال لابنه: «يا بنيّ لا تؤخّر التوبة فإن الموت يأتي بغتة...»(2).


(1) نهج البلاغة: 687 ـ 688، رقم الحكمة: 150.
(2) المحجة 7/22.