المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

15

أولها ـ قيل: إنّها نزلت بشأن وحشي، وقد ورد في تفسير نمونه(1): أنّ سورة الزمر من السور المكية، ووقتئذ لم يكن قد وقعت قِصَّة وحشي ولا وقعة أُحد، فلا يمكن أن تكون قِصَّة وحشي شأن نزول للآية المباركة، فلعلّ هذا كان تطبيقاً لهذه الآية على ذاك المورد.

وعلى أيّة حال، فوحشي هو ذاك المجرم المعروف قاتل حمزة عمّ النبي (صلى الله عليه و آله) في وقعة أُحد.

وقد رُوِيَ في تفسير القمي(2) أنّ هند بنت عتبة «... كانت في يوم أُحد في وسط العسكر، فكلّما انهزم رجل من قريش رفعت له ميلاً ومكحلة، وقالت: إنّما أنت امرأة، فاكتحل بهذا، وكان حمزة بن عبدالمطلب يحمل على القوم، فإذا رأوه انهزموا، ولم يثبت له أحد، وكانت هند بن عتبة قد أعطت وحشياً عهداً: لئن قتلت محمّداً أو عليّاً أو حمزة لأعطيتك رضاك، وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم حبشيّاً، فقال وحشي: أمّا محمّد فلا أقدر عليه، وأمّا عليّ فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه، فكمنت لحمزة، فرأيته يهدّ الناس هدّاً، فمرّ بي، فوطأ على جرف(3) (حرف خ ل) نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميته، فوقعت في خاصرته، وخرجت من مثانته مغمسة بالدم، فسقط، فأتيته، فشققت بطنه، فأخذت كبده، وأتيت بها إلى هند، فقلت لها: هذه كبد حمزة، فأخذتها في فيها فلاكتها، فجعلها الله في فيها مثل الداغصة(4) (الفضّة خ ل) فلفظتها ورمت بها، فبعث الله ملكاً فحملها وردّها إلى موضعها..».

وقد ورد في سفينة البحار: «حكي أنّ مسيلمة الكذّاب اشترك في قتله وحشي وأبو دجانة، فكان وحشي يقول: قتلت خير الناس وشرّ الناس حمزة ومسيلمة..» ومنه الحديث: «حمزة وقاتله في الجنة»(5).

وذكرَ في تفسير نمونه(6) نقلاً عن بعض المفسّرين:


(1) تفسير «نمونه» 19. 502.
(2) تفسير القمي 1/116 ـ 117.
(3) الجرف: الجانب الذي أكله الماء من حاشية النهر. (المنجد)
(4) من معاني الداغصة على ما ورد في المنجد: عظم الركبة المسمى عامياً بالصابونة.
(5) سفينة البحار 8/420.
(6) تفسير «نمونه» 19/506.