المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

11

1 ـ أن يتوب العبد من الذنب، ثُمّ لا يعود إليه. وبذلك نطقت صحيحة أبي بصير قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): ﴿يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً...﴾ قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبداً، قلت: وأيُّنا لم يعد؟ فقال: يا أبا محمّد إنّ الله يحبّ من عباده المفتن التوّاب»(1) ونحوها غيرها(2).

2 ـ أن يكون باطن التائب كظاهره وأفضل كما دلت على ذلك رواية عبدالله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: «التوبة النصوح أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل»(3) ونحوها غيرها(4).

3 ـ أن يبدأ التوبة بصوم يوم الأربعاء والخميس والجمعة كما في رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) في قوله عزّ وجل: ﴿... توبوا إلى اللهتوبة نصوحاً...﴾ قال: «هو صوم يوم الأربعاء والخميس والجمعة»(5).

وإذا استثنينا المعنى الثالث لوضوح كونه تفسيراً بالمقدمة، فكأنّ المعنى: أنّ صوم تلك الأيام الثلاثة توفِّق الإنسان للتوبة النصوح، إذن يبقى المعنيان الأوّلان. ولا يبعد رجوعهما إلى معنىً واحد، فتفسيرها بعدم العود يعني: أنّ التوبة النصوح هي التي تَخْلُق في النفس تغيّراً وانقلاباً وتطهيراً يمنع صاحبها من أن يرجع إلى ذلك الذنب أبداً. وهذا هو الذي يكون باطنه كظاهره وأفضل.

وإن شئت فقل: إنّ النصوح صفة مشبّهة، أو مبالغة في الناصح الذي هو عبارة عن الشيء الكامل والصاحي والمحكم وما إلى ذلك من التعبيرات، فمن علامات نصح التوبة عدم الرجوع إلى الذنب، ومن علاماته كون الباطن كالظاهر وأفضل، ومن مقدِّماته صوم الأيام الثلاثة.

وأمّا الكلام على الآثار الأُخروية للتوبة النصوح فكأنّه يستفاد من الآية الكريمة: أنّ التوبة النصوح زائداً على ما يترتب عليها من المغفرة ودخول الجنة لها مزيّتان أُخريتان هامّتان:


(1) الوسائل 16/72، الباب 86 من جهاد النفس، ح3، وص80، الباب 89 منها، الحديث 4.
(2) من قبيل رواية أبي الصباح الكناني عن الصادق (عليه السلام) ومحمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)في الوسائل 16/72 ـ 73، الباب 86 من جهاد النفس، الحديث 4.
(3) نفس المصدر السابق 16/77، الباب 87 من جهاد النفس، الحديث 2.
(4) نفس المصدر السابق، الحديث 1.
(5) نفس المصدر السابق: ص 78 ـ 79، الباب 81 من جهاد النفس، الحديث 1.