المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (3)

1

تزكية النفس من منظور الثقلين (7)
التّوبة والأنابة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

وهنا نبدأ الحديث بالكلام المرويّ عن إمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد رُوي أنّه قال ـ لقائل بحضرته: أستغفر الله ـ: «ثكلتك أُمّك أتدري ما الاستغفار؟ إنّ الاستغفار درجة العلّيين، وهو اسم واقع على ستة معان: أوّلها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث أن تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تَبِعَة، والرابع أن تَعْمد إلى كلّ فريضة عليك ضيّعتها فتؤدّي حقّها، والخامس أنّ تَعْمدَ إلى اللحم الذي نبت على السُّحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس أن تُذيقَ الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله»(1).

والأوّلان من هذه الاُمور ركنان للتوبة، والثالث والرابع شرطان لقبول التوبة، والأخيران شرطان لكمال التوبة، وإليك قليل من التفصيل عن الأركان والشرائط.

الركن الأوّل ـ الندم:

وكونه ركناً للتوبة من الواضحات، فإنّ التوبة تعني: الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، أو الرجوع إلى الفطرة الطاهرة التي تدنّست بالذنب، وهذا لايمكن أن يكون من دون الندم على ما فات.

ولنعم عبد يندم على ذنبه قبل أن يمضي على ذلك سبع ساعات؛ وذلك لأنّ الروايات العديدة دلّت على أنّ كاتب السيئات لا يكتب السيئة التي تصدر عن العبد لمدّة سبع ساعات، وهذا يعني: أنّه إذا وقعت التوبة قبل السبع ساعات فلن يرى العبد ذنبه في يوم القيامة في صحيفة عمله، بينما لو وقعت التوبة بعد السبع ساعات فقد يرى ذنبه في صحيفة عمله يوم القيامة، وإن كان يرى بعد ذلك توبته أيضاً.


(1) البحار 6/36 ـ 37 نقلاً عن النهج، راجع ـ أيضاً ـ نهج البلاغة: 745، رقم الحكمة: 417.