المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (2)

7

ولابدّ من الالتفات ـ أيضاً ـ إلى عجزنا عن شكر الله تبارك وتعالى؛ لأنّ الشكر يعني: مقابلة نِعْمة المنعم بشيء، يقدّمه المنعم عليه إلى المنعم ممّا يملكه هو مجازاةً لنعمه، ولو بأن يكتفي ببسمة شفة أو شُكر لسان إن لم يكن قادراً على مجازاته بالمال أو بسائر الخدمات.

أمّا أن يقدّم المنعم عليه شيئاً إلى المنعم من النِّعم التي أخذها منه وهي مازالت ملكاً للمنعم، فلا يعدّ شكراً؛ لأنّه كان وما زال ملكاً للمنعم، ولم يكن من قبل المنعم عليه مستقلاًّ. فالعبد كيف يشكر ربّه بشكر لسان أو بمدح وثناء أو بطاعة وعبادة فيحين أنّ هذا كلّه لا يكون إلّا بما هو ملك لله تعالى لا له، وهو سبحانه وتعالى يستوجب شكراً على الشكر.

وقد ورد في مناجاة الشاكرين(1): «... فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إيّاك يفتقر إلى شكر، فكلّما قلت لك الحمد وجب عليّ لذلك أن أقول: لك الحمد...».

وفي الحديث: عن الصادق (عليه السلام) قال: «فيما أوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى موسى (عليه السلام) يا موسى اشكرني حقّ شكري، فقال: يا ربّ وكيف أشكرك حقّ شكرك وليس من شكر أشكرك به إلّا وأنت أنعمت به عليّ؟ قال: يا موسى الآن شكرتنيحين علمت أن ذلك منّي»(2).

وقد ورد في الدعاء الذي يقرأ بعد صلاة زيارة الإمام الرضا (عليه السلام): «...لاتُحمَدُ يا سيدي إلّا بتوفيق منك يقتضي حمداً، ولا تشكر على أصغر منّة إلّا استوجبت بها شكراً، فمتى تُحصى نعماؤك يا إلهي؟ وتُجازى آلاؤك يا مولاي؟ وتكافأ صنائعك يا سيدي؟ ومن نعمك يحمد الحامدون، ومن شكرك يشكر الشاكرون...»(3).

وثانياً ـ معرفة عِظَم الجناية التي ارتكبناها لدى المعصية وخطرها.


(1) وهي المناجاة السادسة من الخمس عشرة المعروفة.
(2) اُصول الكافي 2/98، الحديث 27.
(3) مفاتيح الجنان، فصل زيارة الإمام الرضا (عليه السلام)