المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (2)

6

وقد ورد عن الصادق (عليه السلام): أنّه قال: «ما أحبّ الله من عصاه»(1).

ولسنا الآن هنا بصدد ذكر نِعم الله التي لا تُحصى، ولكنّنا نذكر كإشارة إلى ذلك مقطعاً قرآنياً رائعاً من سورة النحل، وهو قوله سبحانه وتعالى: ﴿خَلَقَ السَّماواتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ* خَلَقَ الاِْنْسانَ مِنْ نُطْفَة فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ* وَالاَْنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أثْقالَكُمْ إِلى بَلَد لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إلّا بِشِقِّ الاَْنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ﴾ والجملة الأخيرة تشير في الأكثر إلى مركوبات اليوم: من قبيل السيّارات والطائرات ونحوها ﴿وعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى نِعْمة الإيمان ﴿ومِنْها جَائرٌ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى وجود السُبل المنحرفة والتحذير منها ﴿وَلَوْ شَاء لَهَداكُمْ أجْمَعينَ﴾ وكأنّ هذا إشارة إلى عدم الهداية بالجبر التي تسقط الهداية عن قيمتها ﴿هُوَ الَّذي أنزَلَ مِنَ السَّماء ماءً لَكُمْ مِنْهُ شرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فيهِ تُسِيمُون* يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ والزَّيْتُون والنَّخيلَ والأعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمراتِ إنّ في ذلكِ لآيةً لِقَوْم يتفكّرون* وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيل والنَّهارَ والشَّمسَ والقَمَرَ والنُّجُومُ مُسَخَّرات بأمْرِهِ إنَّ في ذلكَ لآيات لِقَوم يعقلونَ. وما ذَرألَكُمْ في الأرضِ مُختَلِفاً ألوانُهُ إنَّ في ذلك لآيةً لقومٍ يذّكّرون﴾ ويجلب الانتباه الإشارة تحت الآيات الثلاث الأخيرة إلى أن هذه آيات لقوم يتفكّرون ـيعقلونـ يذّكّرون، فهذه نعم من ناحية وآيات، وعلامات على وجود الله وحكمته ووجوب شكره من ناحية اُخرى ﴿وَهُوَ الَّذي سَخَّر البَحْرَ لِتَأكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَريّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسونَها وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا من فَضْلِهِ وَلَعَلَّكم تَشْكُرُون* وألْقى في الأرضَ رَوَاسي أن تَميدَ بِكُمْ وأنهاراً وسُبُلاً لَعلَّكمْ تَهْتَدونَ* وَعَلامَات وبِالنَّجمِ هُمْ يَهْتَدُون* أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لايَخْلُقُ أفَلا تَذكَّرُون﴾ وهذه الآية الأخيرة يتجلّى مغزاها حينما نعلم أنّ المشركين ـآنئذـ لم يكونوا ينسبون الخَلقَ إلى أصنامهم، بل كانوا يعترفون بأنّ الخَلقَ لله تعالى ﴿وإن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إنَّ الله لَغَفُورٌ رحِيمٌ﴾(2).

وحاصل الكلام: أنّ ما في السماوات والأرض من النِّعَم مسخّرات لخدمة البشر.


(1) البحار 70. 15.
(2) السورة 16، النحل، الآيات:. ـ 18.