المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (7) التّوبة والأنابة (1)

5

وهنا أُكرّر أن توبتهم عليهم آلاف التحية والثناء تختلف سنخاً وهويّة عن توبتنا؛ لأنّ ذنوبهم تختلف سنخاً وهويّة عن ذنوبنا.

وهنا اتبرّك بذكر كلام سيّد العارفين في زماننا الإمام الخميني (رحمه الله) حيث يعتذر عن شرح انحاء التوبة المختلفة في السِّنخ في كتابه (الأربعون حديثاً)(1)بقوله: «اعلم إنّ للتوبة حقائق ولطائف وأسراراً، ولكلّ واحد من أهل السلوك إلى الله توبة خاصّة تتناسب مع مقامه، وحيث أن لاحظّ ولا نصيب لنا في تلك المقامات فلا يناسب شرحها والإسهاب في هذا الكتاب».

أقول: وممّا يؤيّد ما أفاده (رضوان الله تعالى عليه) من تعدد أنحاء التوبة بتعدّد المقامات التي وصل إليها العبد ما ورد في مصباح الشريعة عن الصادق (عليه السلام): «التوبة حبل الله ومدد عنايته، ولابدّ للعبد من مداومة التوبة على كلّ حال. وكل فرقة من العباد لهم توبة، فتوبة الأنبياء من اضطراب السرّ، وتوبة الأصفياء من التنفّس، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات، وتوبة الخاصّ من الاشتغال بغير الله، وتوبة العامّ من الذنوب. ولكل واحد منهم معرفة وعلم في أصل توبته ومنتهىأمره...»(2)بقوله:.

والآن حان لنا وقت الدخول في بحث التوبة.

قال الله تعالى: ﴿إنّما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأُولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً. وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفّار أُولئك اعتدنا لهم عذاباً أليماً﴾(3).

وقال عزّ من قائل: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلّا الله ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون* أُولئك جزاؤهم مغفرة من ربّهم وجنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهاونعم أجر العاملين﴾(4).

وقال عزّ وجلّ: ﴿إلّا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأُولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً﴾(5).


(1) في ذيل الحديث السابع عشر: ص283 بحسب أصل الكتاب الفارسي وص267، بحسب الترجمة العربية التي قام بها السيد محمّد الغروي حفظه الله.
(2) البحار. / 31.
(3) السورة 4، النساء، الآيتان: 17 ـ 18.
(4) السورة 3، آل عمران، الآيتان: 135 ـ 136.
(5) السورة 25، الفرقان، الآية: 70.