المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

8

أوّلا ـ ما جاء في تكملة أمل الآمل(1) عن السيد صدر الدين محمّد بن صالح بن محمّد بن إبراهيم أحد أجداد أستاذنا الشهيد الصدر (رحمه الله) ـ وكان عالماً عظيماًـ نقلاً عن العالم الجليل الشيخ عبدالعالي الإصفهاني النجفي قال: كنت ليلة من ليالي شهر رمضان في حرم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فجاء السيد صدرالدين إِلى الحرم، ولمّا فرغ من الزيارة جلس خلف الضريح المقدّس، فكنت قريباً منه، فشرع في دُعاء السحر الذي رواه أبو حمزة، فوالله مازاد على قوله: «إلهي لاتؤدّبني بعقوبتك» وكرّرها وهو يبكي حتى أُغمي عليه، وحملوه من الحرم وهو مغمىً عليه.

ثمّ قال صاحب تكملة أمل الآمل: كان ـ (قدس سره) ـ غزير الدمعة كثير المناجاة، ورآيت له أبياتاً في المناجاة يقول فيها:

رضاك رضاك لا جنّات عدن
وهل عدن تطيبُ بلا رضاكا

ثانياً ـ جاء في كتاب قصص العلماء(2) في ترجمة المرحوم الحاج السيد محمّد باقر الشفتي المعروف بحجّة الإسلام، وكان هذا ـ أيضاً ـ من العلماء الكبار: أنّه كان يبدأ من نصف الليل بالبكاء والتضرّع والمناجاة إِلى الصباح، وكان يدور في صحن مكتبته شبه المجنون محيياً ساعاته بالدعاء والمناجاة، لاطماً على رأسه وصدره، وكان حنينه وأنينه مستمراً بلا اختيار إِلى الصباح.

وذكر ـ أيضاً ـ في ذاك الكتاب(3) نقلاً عن الحاج سليمان خان قاجار حاكم سبزوار: أنّ أحد أولاد السلاطين كان ساكناً في إصفهان، وقد حكى له ـ أي للحاج سليمان خان ـ أنّه كانت لي جارية هربت منّي، والتجأت إِلى بيت المرحوم حجة الإسلام، وبعد برهة من الزمن أرجعها حجّة الإسلام إِلى بيتنا، وكتب لي رسالة مفادها: أنّه إن كانت هذه الجارية مقصّرة فاعفُ عنها لأجلي، واوص ملازمي البيت والخدمة بحسن المداراة معها. قال: فسألناها ذات يوم عن حالات السيد حجّة الإسلام، فقالت الجارية: إنّ السيد كان ينجنّ بالليل، ويعقل بالنهار، فسألناها: وكيف ذلك؟ قالت: حينما كانت تمضي قطعة من الليل كان ينشغل في مكتبته وصحنها باللطم على الرأس والبكاء كالمجانين، وكان يناجي ويدعو إِلى الصباح، وعند الصباح كان يلبس عمامته ورداءه ويجلس كالعقّال.


(1) تكملة أمل الآمل: 239.
(2) قصص العلماء: 137.
(3) نفس المصدر السابق: 138.