المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (5) ثوب التّقوى وحقيقته

7

نعم، مقام إمامنا الحسين (عليه السلام) ومستوى عرفانه سلام الله عليه مقام لايضاهى، ومستوىً لا يدانى، وهل تعلمون أحداً أوفى بعهده ووعده من الحسين (عليه السلام) الذي جعل فاتحة شهداء الهاشميين ـ على أحد النقلين(1) ـ ابنه علياً الأكبر (عليه السلام)، وخاتمتهم في حدود فترة ما قبل وقوعه (عليه السلام) على الأرض ابنه عليّاً الأصغر (عليه السلام) وعندئذ قال: «هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله»(2). فمن أوفى بعهده مع الله من الحسين (عليه السلام) ؟!

إذن فما معنى قوله (عليه السلام): «أنا الذي وعدت، وأنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت»؟!!

أفلا تستكشف معي ـ بعد هذا التطواف السريع في حالات المعصومين (عليهم السلام) من كلِّ ما أشرنا إليها من الأُمور ومن أشباهها الكثيرة الكثيرة التي تركنا ذكرها ـ أنّ للإسلام ظاهراً أُمِرَ به الجميع، وأنّ له روحاً شفّافاً لم يكن بالإمكان أن يؤمر به الجميع؛ إذ لو أُمِروا جميعاً بذلك لما نجى أحد إلّا المعصومون وأولياء الله المخلَصون. فبقي ذلك المستوى من الروح والحقيقة مطمحاً للأنظار ومضماراً للسباق يصل بعض إِلى بعض درجاته، والآخر إِلى درجة أقوى أو أخفّ. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وكانت ذنوبهم صلَّى الله عليهم وعلى آلهم راجعة إِلى تلك الدرجات.

وقد اقتفى كثير من علمائنا الأبرار بأئمّتنا الأطهار فيما أشرنا إليه من التضرّع والبكاء والوجد والشوق والخوف، وأذكر هنا لذلك نموذجين:


(1) راجع البحار 45/45.
(2) البحار 45/46 و 65.