المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (3) علائم فاضحة

12

أقول: ليكن السالك الذي يسافر إِلى الله ثمّ يفنى في الله تنكشف لديه الحقائق التي لم تكن تنكشف بالعقل، ولكن هذا لا يعني أن يفقد الانكشافات الحاصلة بالعقل قبل السلوك إِلى أن يرجع مرة أُخرى إِلى عالم الكثرة، والعقل يعرف قبل السلوك أن قضيّة عاشوراء عملة ذات وجهين: فمن أحد الوجهين بطولة وعزّ ومقام وفخر واعتزاز، ومن الوجه الآخر مصيبة ورزيّة وفجيعة عظمى، وليس من لوازم السلوك الحقيقي والعرفان الإلهي فقدان منكشفات العقل بالأخص المنكشفات الدينيّة والايمانيّة والعرفانية كأوجه عُملة عاشوراء الحسين(عليه السلام).

ولعلّ قائلاً يقول: إنّ الحدّاد كان غارقاً في عالم الفناء غافلاً عن عالم الكثرة، وعُملة عاشوراء إنّما تكون مصيبة ورزيّة بوجهها الخَلقِي وبلحاظ الكثرة؛ ولذا لم يكن يدرك هذا الجانب من العُملة، ولكنّني لا أدري أنّه لو كان الأمر كذلك كيف أدرك أساساً كون قِصّة عاشوراء تعتبر مصيبة عند الناس، ويبكون لأجلها بكاء الحزن؟! ولِمَ لَمن يغفل عن ذلك؟! فمثلاً مَنْ يغرق في الله، ويخشع له لدى الصلاة، ويفنى فيه لا يلتفت إِلى الناس وإِلى غير الله، لا أنّه يلتفت إليهم ويتعجب من انشغالهم بغير الله.

ج ـ روى صاحب كتاب (نشان از بى نشانها) المسمّى بعلي المقدادي الإصفهاني قِصّة بشأن أبيه الحاج الشيخ حسن علي الإصفهاني والذي يعتبره من العرفاء الكبار، والقِصَّة يرويها عن السيد أبي الحسن المرتضوي: إنّه كان يقول: كنت في مشهد الرضا (عليه السلام) بخدمة الحاج الشيخ حسن علي إذ جاءه رجل وقال: كنت اقرأ الفاتحة على مزار الشيخ الطبرسي واذا بعقرب لسعتني في يدي، فسأله الشيخ: اين صار العقرب؟ فقال: دخل في ثقب. قال الشيخ: إنّ هذه العقرب قد ضلّت عن بيتها اذهَبْ إِلى ذاك المكان، واجعل فمك قريباً من ذاك الثقب، وقل: أمر الحاج الشيخ حسن علي بأن تخرجي من الثقب، فإذا خرجت من الثقب احملها برفق، وضعها في باطن كفّك، واذهب بها إِلى المقبرة الفلانيّة، واتركها قريباً من الثقب الفلاني؛ كي تُشفى يدك، ثمّ ارجع واخبرنا عن عملك.

قال الذي حكى هذه القِصّة: إنني كنت بخدمة الشيخ إذ رجع ذاك الرجل، وأخبر أنّه فعل ما أمره الشيخ به، وشفيت يده(1).


(1) نشان از بى نشانها: 70 ـ 71.