المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (3) علائم فاضحة

10

يقول مؤلف الكتاب. أي كتاب روح مجرد ): إنّ حضرة السيد الحداد ذكر لي بنفسه أنّه في تلك الحالة كان عاجزاً تماماً عن عدّ نفسه. وأخيراً قال له الركّاب: (أنت احسب نفسك) وإنّ الحق مع الصانع، فأعطيتُه أُجرة ستة أنفار لاللعلم بصحة كلامه، بل تعبداً برأي الرفقاء.

أقول: لا أدري: أن عدم عدّ نفسه على رغم أنّه كان يعدّ الآخرين ويحسبهم هل كان نتيجة أنّ البدن كان مضمحلاً وفانياً ومنعدماً حقيقة؟ فهذا خلاف ما يمكن أن يفترض الوصول إليه بالرياضة، فإنّ ما يمكن أن يفترض الوصول إليه بالرياضة هو: ذوبان النفس في الله تعالى مثلاً. لا ذوبان البدن وفناءه حقيقة، أو كان نتيجة أنّ ذوبانه في ذات الله وانغماسه في عالم التوحيد أنساه الكثرة أو أعجزه عن رؤية الكثرة؟! فعندئذ كان المفروض به أن يقول: لا أحد في السيارة، فلا معنى لمطالبة الأجرة، أمّا عدّ الآخرين مع عدم عدّ نفسه، ونسيان نفسه من دون نسيان الآخرين فلم يعرف وجهه.

وأمّا لو كان المقصود: أنّه لا وجود حقيقي إلّا لله فالمفروض ـ أيضاً ـ إنكار أصل الأجرة والمؤجر والمستأجر.

الثانية (1) ـ سافر الحدّاد إِلى ايران، وكان من البلاد التي زارها همدان، وكان الرفقاء قد استأجروا له بستاناً في خارج البلد، فكان يقضي النهار في ذاك البستان، ويعود بالليل إِلى همدان في بيت الحاج محمّد حسن البياتي، وزار يوماً من الأيام المقبرة الواقعة في بهار همدان، وزار فيها قبر المرحوم الشيخ محمّد البهاري، يقول مؤلف الكتاب: قال لي حضرة السيد: إنّي كنت سامعاً أن المرحوم الأنصاري كان يزور كثيراً قبر المرحوم الحاج الشيخ محمّد البهاري، وقد كان يأتي أحياناً من همدان إِلى هذا المقصد مشياً على الأقدام رغم فاصل فرسخين، وقد تبيّن لي الآن: أنّ هذا لم يكن لأجل الاستمداد من روح هذا المرحوم وروحانيّته، وأنّ هذا المرحوم لم يكن له ذلك المقام الذي يستمدّ منه المرحوم الأنصاري ويلقى لديه ضالّته، بل المرحوم الأنصاري كان يفحص عنّي، ويستشمّ رائحتي على أساس مجيئي بعد ذلك في هذه الساعة إِلى هذا المكان.


(1) روح مجرد: 155 ـ 157.