المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (2)

9

وأخبروني أنتم عن سليمان بن داود (عليه السلام) حيث سأل الله مُلْكاً لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه الله ذلك، وكان يقول الحق ويعمل به، ثُمَّ لم نجد الله عاب ذلك عليه ولا أحداً من المؤمنين، وداود قبله في مُلْكه وشدّة سلطانه.

ثُمّ يوسف النبيّ حيث قال لملك مصر: ﴿إجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم﴾(1) فكان من أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها إِلى اليمن، فكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم، وكان يقول الحقّ، ويعمل به، فلم نجد أحداً عاب ذلك عليه.

ثُمَّ ذو القرنين عبد أحبّ الله فأحبّه، طوى له الأسباب، وملّكه مشارق الأرض ومغاربها، وكان يقول بالحقّ، ويعمل به، ثُمَّ لم نجد أحداً عاب ذلك عليه.

فتأدّبوا أيُّها النفر بآداب الله للمؤمنين، واقتصروا على أمر الله ونهيه، ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم ممّا لا علم لكم به، وردّوا العلم إِلى أهله تؤجروا وتعذروا عند الله، وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه، وما أحلّ الله فيه وما حرّم، فإنّه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل، ودعوا الجهالة لأهلها، فإن أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله: ﴿فوق كل ذي علم عليم﴾(2) » انتهى الحديث(3).

وللكلام عن مدى وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن، وأنّ النسخ هنا هل يحمل على معناه المصطلح لدى الفقهاء، أو يفسّر بتفسير آخر مجال آخر.

ولنلخص الكلام حول المقصود ببيان أنّ هناك طُرُقاً ثلاثة لتهذيب النفس وتصفيتها، ثالثها هو الصحيح، والأوّلان ليسا شرعيين:

الطريق الأوّل ـ الترهبن أو ترك الدنيا ونعيمها. وهذا ما عرفت ـ مما سردناه لك من الآيات والروايات ـ خطأه، نعم، هناك نكتتان لا ينبغي إغفالهما:


(1) السورة 12، يوسف، الآية: 55.
(2) السورة 12، يوسف، الآية: 76.
(3) وقد ورد هذا الحديث ـ أيضاً ـ في البحار 47/232 ـ 237 نقلاً عن الكافي مع فارق يسير.