المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (2)

4

4 ـ في نهج البلاغة(1) دخل عليّ (عليه السلام) بالبصرة على العلاء بن زياد الحارثي وهو من أصحابه يعوده، فلمّا رأى سَعة داره قال: «ما كنت تصنع بسَعة هذه الدار وأنت إليها في الآخرة كنتَ أحوج؟ وبلى إن شئت بلغتَ بها الآخرة تقري فيها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتُطِلع منها الحقوق مطالعها، فإذن أنت قد بلغت بهاالآخرة.

فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وماله؟ قال: لبس العباءة وتخلّى عن الدنيا. قال: عَليَّ به، فلمّا جاء قال: يا عُدَيّ نفسه لقد استهام بك الخبيث، أما رحمتَ أهلك وولدك، أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟! أنت أهون على الله من ذلك !

قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك.

قال: ويحك إنّي لست كأنت، إن الله ـ تعالى ـ فرض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيّغ بالفقير فقره». ورواه ابن أبي الحديد معبعض الفوارق(2).

5 ـ ورد عن ابن القدّاح قال: «كان أبو عبدالله (عليه السلام) متكئاً عليَّ، أو قال: على أبي، فلقيه عبّاد بن كثير وعليه ثياب مَرْويّة حسان، فقال: يا أبا عبدالله إنّك من أهل بيت النبوّة، وكان أبوك وكان، فمالهذه الثياب المزيّنة عليك؟! فلو لبست دون هذه الثياب.

فقال له أبو عبدالله (عليه السلام): ويلك يا عبّاد ﴿مَن حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق...﴾ إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ إذا أنعم على عبد نعمةً أحبّ أن يراها عليه ليس به بأس، ويلك يا عبّاد إنّما أنا بضعة رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلا تؤذني». وكان عبّاد يلبس ثوبين قطريين (قطوبين خَ لَ)(3).

6 ـ روى في البحار(4) عن تحف العقول قال: «دخل سفيان الثوري على أبي عبدالله (عليه السلام)، فرأى عليه ثياب بياض كأنها غِرْقِئ البيض(5)، فقال له: إنّ هذا اللباس ليس من لباسك.


(1) نهج البلاغة: 439 ـ 440، رقم الخطبة: 209.
(2) راجع البحار 70/121 ـ 122 ناقلاً له عن ابن أبي الحديد.
(3) الوسائل 5/16، الباب. من أحكام الملابس، الحديث 4.
(4) البحار 70/122 ـ 128.
(5) جاء هنا في البحار تحت الخط ما يلي: الغِرْقِئ ـ كزبرج ـ القشرة الملتزقة ببياض البيض، شبهه بها للطافتها وشفوفها ونعومتها وبياضها.