المولفات

المؤلفات > تزكية النفس من منظور الثقلين (1)

2

ويندر أن يصل أحدنا في المقامات السامية إِلى ما وصل إِليه إِبليس الذي قيل عنه: إنَّه أصبح معلِّماً للملائكة، والذي ورد بشأنه في نهج البلاغة قوله (عليه السلام): «فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أَحبط عمله الطويل وجهده الجهيد ـ وكان قد عبد الله ستَّة آلاف سنة لا يُدرى أَمن سِني الدنيا أم من سِني الآخرة ـ عن كبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته؟!

كلاَّ ما كان الله سبحانه ليُدخِل الجنَّة بشراً بأمر أَخرج به منها ملكاً، إِنَّ حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة في إِباحة حمىً حرَّمه على العالمين...».(1)

أَلم تسمع قِصَّة محمّد بن عليّ بن بلال الذي كان من ثقات الإِمام العسكري (عليه السلام)، وبلغ من الشأن أَنَّ أبا القاسم حسين بن روح الذي صار بعد ذلك أَحد النوَّاب الخاصِّين للإِمام (عليه السلام) كان يراجعه في الاسترشاد به فيما اختلف فيه الشيعة من التفويض وغيره، ولكنَّه بعد ذلك أَخلد إِلى الأرض واتَّبع هواه، وادَّعى البابيَّة، وورد التبرِّي منه من قبل الإِمام صاحب الزمان ـ عجَّل الله تعالى فرجه ـ على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان(2).

وقد ورد عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أَنَّه قال: «الدنيا كلُّها جهل إِلاَّ مواضع العلم، والعلم كلُّه حُجَّة إلاَّ ما عمل به، والعمل كلُّه رياء إلاَّ ما كان مخلصاً، والإِخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يُختَم له»(3).

وبهذا نفهم أَنَّنا يجب أن نكون دائماً على حذر من سوء العاقبة ولابدَّ لنا من تحصيل علاج لمشكلة سوء العاقبة.

وعلاج مشكلة سوء العاقبة عبارة عن مجموع أَمرين:


(1) نهج البلاغة: 386، رقم الخطبة: 192.
(2) راجع معجم رجال الحديث 16: 309 فصاعداً.
(3) البحار 2: 29.