المولفات

المؤلفات > أبحاث في بعض مسائل وفروع النكاح والطلاق أو الفسخ / العيوب التي يفسخ بها النكاح

22

وقد يقول قائل: إنّ مقتضى إطلاق صحيحة أبي بصير المرادي وموثّقة عمّار بن موسى الساباطي، أنّه متى ما عرض على الزوج العنن ولو بعد الدخول كان للزوجة خيار الفسخ، إلّا أنّه لا بدّ لها ـبحكم ما سيأتي من الرواياتـ من الصبر سنة بأمل العلاج أو الشفاء، فإن وقع عليها ولو مرّة واحدة سقط خيارها ولكن لا إلى الأخير، بل إلى سنة أي أنّه لو رجع عليه مرّة اُخرى العجز عن الدخول رافعته مرّة اُخرى وأمهلته سنة.

والدليل على ذلك ذيل ما مضى من موثّقة إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام): أنّ عليّاً كان يقول: «إذا تزوّج الرجل امرأة فوقع عليها ثمّ أعرض عنها فليس لها الخيار، لتصبر فقد ابتليت، وليس لاُمّهات الأولاد ولا الإماء ما لم يمسّها من الدهر إلّا مرّة واحدة خيار». فإنّ المقصود بصدر الحديث لو كان سقوط الخيار إلى الأخير بوقعة واحدة عليها في الدهر، لم يبق فرق بين الأحرار من ناحية واُمّهات الأولاد والإماء من ناحية اُخرى، حيث إنّ الذيل صريح في أنّ اُمّهات الأولاد والإماء لا خيار لهنّ لو تزوّجن ولم يمسّهن الزوج من الدهر إلّا مرّة واحدة، والتفصيل قاطع للشركة.

فإن وافقنا على هكذا جمع انتفت مشكلة لزوم تخصيص صحيحة المرادي وموثقة عمار الساباطي بالفرد النادر. نعم لعلّه يصعب تقييد رواية السكوني ورواية عباد أو غياث الضبّي اللّتين مضى ذكرهما بعد موثّقة إسحاق بن عمّار، بكون مدّة سقوط الخيار سنة لا تمام الدهر، لكنّهما ضعيفتان سنداً.

الثـاني: مقتضى الإطلاقات وإن كان ثبوت الخيار فوراً بمجرّد حصول العنن، إلّا أنّ هناك روايات تصرّح بالإمهال سنة، كصحيحة أبي حمزة قال: سمعت أباجعفر يقول: «إذا تزوّج الرجل المرأة الثيّب التي تزوّجت زوجاً غيره فزعمت أنّه لم يقربها منذ دخل بها فإنّ القول في ذلك قول الرجل، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها؛ لأنّها المدّعية، قال: فإن تزوّجت وهي بكر فزعمت أنّه لم يصل إليها فإنّ مثل هذا تعرف النساء فلينظر إليها من يوثق به منهنّ فإذا ذكرت أنّها عذراء فعلى الإمام أن يؤجّله سنة فإن وصل إليها وإلّا فرّق بينهما، واُعطيت نصف الصداق، ولا عدّة عليها»(1).

ومعتبرة الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السلام): «أنّه كان يقضي في العنّين أنّه يؤجّل سنة من يوم ترافعه المرأة»(2). وصحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر قال: «العنّين يتربّص به سنة، ثمّ إن شاءت امرأته تزوّجت وإن شاءت أقامت»(3). ونحوها مقطوعة أبي الصباح(4)، ورواية أبي البختري(5) الضعيفتان سنداً. ومقتضى الجمع العرفي تقييد المطلقات بهذه المقيّدات.


(1) المصدر السابق: 233، ب 15، ح 1.
(2) المصدر السابق: 232، ب 14، ح 12.
(3) المصدر السابق: 231، ح 5.
(4) المصدر السابق: ح 7.
(5) المصدر السابق: 232، ح 9.