المولفات

المؤلفات > أبحاث في بعض مسائل وفروع النكاح والطلاق أو الفسخ / العيوب التي يفسخ بها النكاح

13

ومن هنا يأتي احتمال أنّ الحصر إنّما هو في عيوب المرأة ولا يمكن التعدّي إلى عيوب الرجل؛ لاحتمال أنّ الرجل باعتباره قادراً على الطلاق حتى بلا عيب لم يعط في الشريعة بيده حقّ الفسخ إلّا في عيوب مخصوصة، أمّا المرأة فبما أنّها لا تملك الطلاق، لعلّها اُعطيت حقّ الفسخ في كلّ عيب، فإذا جاء احتمال ذلك نتيجة عدم شمول روايات الحصر لعيوب الرجل يصبح الدليل على ذلك عبارة عن قاعدة لا ضرر.

إلّا أنّه قد يقال: إنّ روايات الحصر هذه وإن اختصّت بعيوب النساء ولكن توجد رواية حصر في عيوب الرجال، وهي رواية عبّاد الضبّي على ما في الكافي(1)، أو غياث الضبّي على ما في الفقيه(2) والتهذيب(3)، والاستبصار(4)، عن أبي عبدالله قال: «في العنّين إذا عُلم أنّه عنّين لا يأتي النساء فرّق بينهما، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرّق بينهما، والرجل لا يردّ من عيب»(5). بناءً على قراءة كلمة: «لا يردّ» مبنيّة للمفعول.

إلّا أنّ المظنون أو الموثوق به أنّ كلمة «لا يردّ» هنا مبنيّة للمعلوم، ففي صدر الحديث حكم بردّ النكاح من طرف المرأة بلحاظ عنن الرجل، وفي ذيل الحديث ينفي ردّ النكاح من طرف الرجل، وهذا إمّا يقيّد بغير العيوب الخاصّة، أو يحمل على الاستحباب باعتبار أنّ الرجل بيده الطلاق فالأولى أن لا يفسخ ويلتجئ في التخلّص من زوجته المعيبة إلى الطلاق، والحمل الثاني أولى لأنّ الحكم بنفي ردّ الرجل امرأته من عيب عقيب الحكم مباشرة بردّ المرأة زوجها من العنن، له ظهور قويّ في نفي ردّ الرجل امرأته حتى من العيب الذي هو في النساء يناظر عيب العنن في الرجال وهو القرن، في حين أنّه لا شكّ في جواز الردّ في القرن، فأفضل محمل لذلك هو الحمل على الاستحباب. وعلى أيّ حال فسند الحديث ساقط بعبّاد الضبّي أو بغياث الضبّي.

أخيراً بقي الكلام في رواية قد يستفاد منها جواز الفسخ للرجل في كل عيب من عيوب المرأة ممّا يخفى على الرجال، وهي صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله ـفي حديثـ أنّه قال في رجل تزوّج امرأة برصاء أو عمياء أو عرجاء، قال: «تردّ على وليّها ويردّ على زوجها مهرها الذي زوّجها عليه، وإن كان بها ما لا يراه الرجال جازت شهادة النساء عليها»(6). فيمكن التمسّك بإطلاق ذيل الحديث بدعوى أنّ قوله: «ما لا يراه الرجال» مطلق يشمل أيّ عيب خفيّ على الرجال، فإذن ليس خيار الفسخ مخصوصاً بعيوب معيّنة. ولو تعدّينا من عيوب المرأة إلى عيوب الرجل بافتراض إلغاء العرف للخصوصية ـخاصّة أنّ المرأة ليس بيدها الطلاق بخلاف الرجلـ كانت الرواية دليلاً على أنّ الأصل في كلا الطرفين في كلّ عيب خفيّ عن الجنس المخالف هو ثبوت حقّ الفسخ.


(1) الكافي 5: 410 ـ 411، ح 4.
(2) الفقيه 3: 357، ح 1707.
(3) التهذيب 7: 430، ح 1714.
(4) الاستبصار 3: 250، ح 896.
(5) الوسائل 21: 230، ب 14، العيوب والتدليس، ح 2.
(6) المصدر السابق: 216، ب 4، ح 2.