المولفات

المؤلفات > مالكيّة الأعيان والجهات

1

مالكيّة الأعيان والجهات

بسم الله الرحمن الرحيم

بقي أخيراً ـ من الأبحاث التي أردنا التعرّض لها في مبحث الملك ـ الكلام عن مالكيّة الأعيان والجهات والشخصيّات الحكميّة أو المعنويّة أو الاعتباريّة أو الحقوقيّة في مقابل الشخصيّات الطبيعيّة أو الحقيقيّة.

فدائرة المالكيّة لدى العقلاء أصبحت بالتدريج أوسع بكثير من دائرة الأشخاص من بني آدم، وشملت الأعيان الخارجيّة من ناحية، وعناوين عامّة تشير إلى طائفة من الناس من ناحية اُخرى، وأخيراً عناوين معنويّة واعتباريّة بحتة من ناحية ثالثة. والشريعة الإسلاميّة بنت نظرتها عن المالكيّة منذ البدء على هذا المعنى الواسع الشامل لكلّ هذه الأقسام.

فمثال الأوّل: المسجد ونحوه من أماكن العبادة، والمرافق العامّة التي تمتلك أموالا ومستغلاّت عن طريق الوقف وغيره.

ومثال الثاني: الزكاة التي هي ملك للفقراء مثلا.

ومثال الثالث: الدولة أو منصب الإمامة المالك للأنفال وغيرها.

ولم تتوقّف النظرة العقلائيّة إلى الشخصيّة المعنويّة على مجرّد ثبوت الحقّ والملك لها، بل اتّسعت أيضاً إلى ثبوت الحقّ والدَين عليها خصوصاً في الشخصيّة المعنويّة كالدولة، فبإمكانها أن تملك وأن تستدين، ولها ذمّة كذمّة الشخصيّة الحقيقيّة.

وتصوّر الملك للأعيان الخارجيّة سهل رغم أنّها لا تَفهم ولا تَعقِل ولا تكون قادرة على التصرّف، غاية الأمر يكون التصرّف في أموالها بيد وليّ أمرها يصرفها في شؤونها، كما هو الحال في ممتلكات الصبيّ والمجنون التي يصرفها وليّهما في شؤونهما.

وكذلك يسهل تصوّر الملك للعناوين العامّة كالفقراء أو الشخصيّات المعنويّة البحتة كالدولة، بعد أن عرفنا أن الملك ليس إلّا أمراً اعتباريّاً وليس عرضاً بحاجة إلى محلّ خارجيّ.

الشخصيّات الحقوقيّة في الفقه الوضعي:

وقد ورد في الفقه الوضعي ذكر عناوين عديدة من الشخصيّات الحقوقيّة من قبيل: المؤسّسات، والجمعيّات، والشركات(1).


(1) راجع الوسيط 5: 229. 239 الفقرة 163. 167، وراجع الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد 3: 318. 327 الفقرة 190. 194 بحسب الطبعة الخامسة.