المولفات

المؤلفات > تصوّرات عامّة عن الملك

9

قال اُستاذنا الشهيد (رحمه الله): يرد على هذا وجوه، نذكر منها:

أوّلا ـ أنّه يمكن أن يقال: إنّ الحيثيّة المصحّحة للانتزاع هي الاختصاص بجواز التصّرف، لا نفس جواز التصرّف، وهذه الحيثيّة موجودة في صاحب المال، ويصدق عليه العنوان الانتزاعيّ وهو المالك.

وثانياً ـ أنّ جواز التصرّف لعلّه سبب لانتزاع الملكيّة لا منشأ له، فالسقف مثلا منشأ لانتزاع الفوقيّة، ويصدق عليه عنوان. فوق )، ولكنّ الأرض التي تحته سبب لانتزاع الفوقيّة، ولا يصدق عليه عنوان. فوق ).

أقول: كأنّ هذين الجوابين بمجموعهما مطلب واحد، حاصله افتراض أنّ جواز التصرّف سبب لانتزاع الملكيّة، ولا يشترط صدق العنوان الاشتقاقيّ عليه. أمـّا منشأ الانتزاع فهو الإنسان الذي يصدق عليه العنوان الاشتقاقيّ، وهو المالك، وهو إذا كان بحاجة إلى وجود حيثيّة فيه مصحّحة للانتزاع. قلنا: إنّ تلك الحيثيّة عبارة عن اختصاصه بجواز التصرّف.

والواقع أنّ هذا غير وارد على المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) لأنّ هذا مرجعه إلى افتراض وجود منشأ الانتزاع في المالك، والمحقّق الإصفهاني حينما أنكر سلفاً كون الملكيّة عرضاً مقولياً يعرض على المالك أو المملوك تمسّكاً ببراهين ثلاثة لم يقصد بذلك نفي كونه عرضاً متأصّلا فحسب ـ كما لعلّه الذي فهمه اُستاذنا منه ـ،بل قصد بذلك نفي كونه عرضاً مقوليّاً متأصّلا أو منتزعاً من المالك أو المملوك.

والنكتة الإضافيّة الآن عبارة عن افتراض أنّ الحكم التكليفيّ سبب لهذا الانتزاع، وهذا وإن كان يدفع البرهان الثاني من البراهين الثلاثة وهو اختلاف الملك باختلاف الأنظار ـ حيث يصحّ أن يقال: إنّ اختلاف الأنظار في الحكم التكليفيّ المجعول لهم أوجب اختلاف الأنظار في الملك ـ، ولكنّه لا يدفع البرهان الأوّل والثالث.

وثالثاً ـ أنّ من يقول بكون الملكيّة منتزعة من جواز التصرّف لا يقصد بذلك الانتزاع الفلسفيّ، وهو انتزاع مفهوم كامن في شيء من ذلك الشيء، وإنّما المقصود به كونها مجعولة ومعتبرة في طول جعل الحكم التكليفي وبلحاظه.