المولفات

المؤلفات > تصوّرات عامّة عن الملك

21

أمـّا الأعمال: فقد أفاد اُستاذنا الشهيد (رحمه الله): أنّ مالكيّة الإنسان لعمله ليست بمعنى الملكيّة الاعتباريّة التي جعلت بلحاظ الأموال المنفصلة عنه. نعم، الإنسان مالك لأعماله بملكيّة حقيقيّة بمعنى قدرته وسلطنته التكوينيّة عليها بحيث إن شاء فعل وإن شاء ترك. وترتّبت على هذه الملكيّة التكوينيّة ملكيّة اُخرى بمنطق العقل العملي، وهي أيضاً حقيقيّة وليست جعليّة واعتباريّة، وهي كون الإنسان أولى بأعماله من غيره، فالملكيّة بهذا المعنى لا هي أمر اعتباريّ وجعليّ كما في ملكيّة الأموال المنفصلة عن الإنسان، ولا هي أمر تكوينيّ خارجيّ كما في المعنى الأوّل لملكيّة الأعمال، وإنّما هي أمر خلقيّ وراجع إلى حكم العقل العمليّ.

وأولويّة الإنسان بعمله تارةً تكون بلحاظ الفعل والترك، واُخرى بلحاظ التصرّف الوضعي في أعماله كما في الإيجار. والأوّل يكفيه حكم العقل العمليّ بلا حاجة إلى أيّ جعل، والثاني بحاجة إلى صغرى مجعولة، وهي جعل أصل ذاك التصرّف الوضعيّ كجعل قانون الإيجار، فإذا تمّ الجعل صغرويّاً طبّقت عليها الكبرى المعلومة بالعقل العمليّ، وهي أولويّة الإنسان بعمله. فكان له هذا التصرّف لا لغيره.

وأولويّة الإنسان بأعماله إنّما هي أولويّة في مقابل سائر الناس، وليست أولويّة في مقابل الله تعالى، ولا هي مقابل منع العقل العمليّ عن بعض الأعمال، فكذب الإنسان مثلا مملوك للإنسان، بمعنى أنّه أولى بالاستفادة منه من غيره لكنّه ممنوع عليه بحكم العقل العمليّ، كما أنّ الله تبارك وتعالى له أن يمنعه من عمل مّا والله تعالى مالك لمخلوقاته بمعنى أنّه هو الذي خلقهم وكوّنهم بقدرته، وهذا يقابل القدرة والسلطنة الثابتة للإنسان على عمله، ويترتّب على هذا حقّ المولويّة، وهذا الحقّ له مظاهر أربعة:

1 ـ حقّ الطاعة، فلو نهاه عن عمل مّا لم يكن للعبد حقّ المخالفة.

2 ـ حقّ أخذ أعمال الشخص منه قهراً، كأن يجوّز لأحد أن يستوفي منه عمله جبراً، وهذا ما يقابل مالكيّة الشخص لأعماله.

3 ـ حقّ التصرّف الوضعيّ في أعمال الشخص، كأن يجعل عمل زيد مملوكاً لعمرو، وهذا ما يقابل مالكيّة الشخص للتصرّف الوضعيّ في عمله.