المولفات

المؤلفات > الفتاوى المنتخبة

14

تيّارات فكريّة وسياسيّة، أو هيّأ له الأرضيّة الصالحة للنموّ ـ وجدنا من المناسب أن نعالج ولو مختصراً بعض المفردات التي تناولتها تلك التيّارات والتي تشكّل بالنسبة للمنظومة الفكريّة والاجتماعيّة الإسلاميّة عصب الحياة، وهي مفهوما الدين والوطن، وذلك من وجهة نظر سماحة السيّد المرجع مدّ ظلّه، والتي عالجها سماحته في كتاباته ومحاضراته قبل أكثر من ثلاثة عقود(1)، وكأنّه قد قرأ كفّ الزمن وعرف مكامن الخطر التي لابدّ أن تُحصّن.

 

مفهوم الدين:

ناقش سماحة السيّد المرجع ـ مُدّ ظلّه ـ آراء المفكّرين والفقهاء الغربيّين في مجال الفقه في كتابيه (فقه العقود) و (القضاء في الفقه الإسلاميّ)، و في كتابه (أساس الحكومة الإسلاميّة)(2) ناقش آراء المفكّرين الغربيّين في علم الاجتماع، وعلى رأسهم المفكّر الفرنسيّ جان جاك روسو(3).

 


(1) وقد ورد أوّل بحث لهذه المفاهيم من سماحة السيّد ـ دام ظلّه ـ في كتاب أساس الحكومة الإسلاميّة الصادر عام (1399 هـ) ـ (1979م).

(2) انظر الصفحة: 32 ـ 43 بحسب الطبعة الاُولى، الدار الإسلاميّة، لبنان.

(3) جان جاك روسو (1712 ـ 1778) مفكّر وفيلسوف فرنسيّ الأصل وسويسريّ المولد، وُلد في مدينة جنيف فيما يُعرف الآن بسويسرا من اُسرة فرنسيّة الأصل وبروتستانتيّة المذهب، توفّيت اُمّه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده الذي عهد به إلى أحد الحفارين كي يعلّمه صناعة، وكان هذا الرجل فظّاً قاسياً، فغادر روسو المدينة هارباً منه، فنشأ مشرّداً وهو في السنة السادسة عشرة من عمره، وهام على وجهه يحترف شتّى الحرف في سويسرا وإيطاليا إلى أن استطاع أن يكوّن نفسه وتتهيّأ له فرصة الاستقرار والتعلّم.

نشر عام (1762م) كتابين: أحدهما (العقد الاجتماعيّ) والآخر (إميل) أو في التربية، (وإميل اسم الطفل الذي يرسم روسو برنامج تربيته)، فأنكرت السلطة الباريسيّة الكتاب الأخير، وهمّت باعتقال المؤلّف، ففرّ إلى سويسرا، ولكن السلطة بها أنكرت الكتاب أيضاً، فطردته، فلجأ إلى إنجلترا بصحبة الفيلسوف دافيد هيوم ونزل ضيفاً عليه، لكنّه لم يلبث أن خاصمه وعاد إلى باريس، فسُمح له بالإقامة في فرنسا، فقضى بها باقي أيّام حياته في حالة مضطربة.