المولفات

المؤلفات > محل الذبح في الحجّ

6

لا شكّ أنّ بعض الوجوه التي ذكرناها لنفي سقوط الذبح يثبت الثاني وهو الوجه الرابع بالخصوص؛ فإنّه بعد حمل الآية وما ضمّ إليها للتقييد، وهي أدلة تعيّن منى على تعدد المطلوب، لو سقط المطلوب الثاني بالعجز ـوهو الذبح في منىـ لم يسقط المطلوب الأوّل وهو كون محلّها البيت العتيق.

أمّا لو لم نقبل هذا الوجه لعدم استظهار تعدد المطلوب، فإثبات خصوصية لمكة أو ما حواليها بعد العجز عن الذبح بمنى بباقي الوجوه، مشكل.

أمّا ما اختاره السيّد الخوئي (رحمه الله) ـمن أنّ دليل التقييد بمنى ليس له إطلاق لفرض العجز، فنرجع لدى العجز عن الذبح بمنى إلى إطلاقات أصل وجوب الهديـ فالأمر واضح؛ فإنّ أصل وجوب الهدي لا يدلّ على ضرورة كون الذبح في مكة أو ما حواليها.

ولهذا أفتى السيّد الخوئي (رحمه الله) بأنّه لو حصل العجز عن الذبح بمنى ذبح في أيّ مكان شاء.

وأمّا دعوى الضرورة الفقهية، فثبوتها على أولوية مكان دون مكان بعد فرض العجز عن الذبح بمنى غير واضح.

وأمّا روايات إخلاف الثمن عند بعض أهل مكة، فلا تدلّ على عدم جواز الذبح في بلد الحاج مثلا؛ لأنّه يحتمل ـعلى أساس تباعد الطرق وعدم توفر الوسائل الحديثة للنقل والسفر وقتئذـ أنّه إنّما أمر بإخلاف الثمن في مكة؛ لأنّه لو لم يفعل ذلك لفاته الذبح في ذي الحجة على أساس ما لديه من طول السفر، فكان الحل المعقول هو أن يخلف الثمن عند أمين في مكة.

وأمّا ذبح الناسي بمكة بعد زيارة البيت، فمن الواضح أنّ فرض الذبح بمكة كان من قبل السائل وأجابه الإمام بالإجزاء، وهذا لا يدلّ على وجوب الذبح بمكة مثلا، كما هو واضح.

وأمّا الوجه الرابع وهو الآية الشريفة: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيق﴾ فقد فرضنا عدم تماميته؛ لتقيّد الآية بأدلّة شرط الذبح في منى، وعدم استظهار تعدد المطلوب ولو في خصوص فرض العجز.

وعليه فقد يقال: لو عجزنا عن الذبح بمنى كفى الذبح في أيّ مكان آخر.

ولكنّني اُريد أن أقول هنا: إنّ الآية الشريفة تكفي لإثبات أولوية البيت العتيق للذبح.