المولفات

المؤلفات > محل الذبح في الحجّ

1

محل الذبح في الحجّ

بسم الله الرحمن الرحيم

تعتبر منى محل ذبح الهدي في حج التمتع، وقد يُستدل على ذلك بوجوه:

1 ـ قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ...﴾(1).

فقد استدلّ السيّد الخوئي (رحمه الله) بهذه الآية المباركة لإثبات أنّ محل ذبح الهدي في الحجّ بمنى؛ تارةً بها وحدها، واُخرى بمعونة ضمّ موثقة زرعة إليها(2).

أمّا تقريب الاستدلال بها وحدها فهو أنّه لا يوجد فقهيّاً في محلّ ذبح الهدي غير احتمالين:

الأوّل: أن يكون محلّه منى.

والثاني: ألاّ يكون له محلّ معيّن.

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ يرفض الاحتمال الثاني بصريح العبارة، فينحصر الأمر في الاحتمال الأوّل.

أقول: لو لم نحتمل في محلّ الهدي احتمالا ثالثاً حقّاً لتمّ هذا الاستدلال، أمّا لو احتملنا في محل الهدي كونه أوسع من منى ـوهو عنوان الحرم مثلا أو عنوان مكّة وما حواليهاـ فهذا الاستدلال لا يتم.

وأمّا تتميم الاستدلال بالآية بموثقة زرعة فتلك الموثقة عبارة عمّا ورد عنه من قوله: سألته عن رجل اُحصر في الحجّ؟ قال: «فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه، ومحلّه أن يبلغ الهدي محلَّه، ومحله منى يوم النحر إذا كان في الحجّ، وإن كان في عمرة نحر بمكة...»(3).

فهذه الرواية قد فسّرت المقصود بما في الآية الشريفة من بلوغ الهدي محلّه وذكرت أنّ محل الهدي هو منى.

وقد ذكر السيّد الخوئي (رحمه الله) (4) أنّ هذا الدليل ليس له إطلاق لحالات العذر حتى يثبت به سقوط الهدي رأساً عند العجز عن ذبحه بمنى إلى بدل وهو الصوم أو لا إلى بدل؛ فإنّ الآية والرواية ليستا بصدد بيان محلّ الهدي ابتداءً، فغاية ما يثبت بهما أنّ محل الهدي في الحالات الاعتيادية هو منى، أمّا مع العجز فنرجع إلى إطلاقات دليل وجوب الهدي، كقوله تعالى: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾(5).


(1) سورة البقرة، الآية: 196.
(2) المعتمد، كتاب الحجّ 5: 208.
(3) وسائل الشيعة 13: 182، ب. من الإحصار والصدّ، ح 2، ط ـ آل البيت.
(4) المعتمد، كتاب الحجّ 5: 211.
(5) سورة البقرة، الآية: 196.