المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

9

ولكن قد يقال: إنّ هذا لا يتجاوز أن يكون إطلاقاً ـ بملاك ترك الاستفصال ـ لا يقاوم أدلّة وجوب التعريف سنة.

بل قد يقال: إنّه أعمل هنا ولايته التي هو بها أولى بالمؤمنين منأنفسهم؛ بقرينة قوله: "والله ما له صاحب غيري"، فالرواية أجنبية عن المقام.

قد يقال في مقابل ذلك: لعلّ الرواية تدلّ على أنّ اللقطة أو مجهول المالك يرجع إلى الإمام، فما في باقي الروايات من الأمر بالتصدّق أو التملّك يحمل على أنّ الإمام الذي هو صاحب اللقطة أو مجهول المالك سمح بالتصدّق أو التملّك.

7 ـ روايات تملّك ما في بطن الدابّة إن لم يعرفها البائع، وقد جاء في الوسائل بهذا الصدد حديثان تامّان سنداً(1).

ولكن هذا كما ترى ليس من اللقطة، ولا نجزم بعدم الفرق؛ فلعل ّ من يلتقط مال الناس يجب عليه نتيجةً لالتقاطه لمال الناس تعريفه سنة، أمّا من جاءه المال في جوف دابّة اشتراها جاز له تملّكه لو لم يعرفه البائع، كما ويحتمل أن يكون عدم التعريف هنا لأجل عدم إمكانيّته على أساس سعة دائرة الجهالة، وسنعود إلى البحث عن هذه الروايات إن شاء الله.

8 ـ ما عن أبي بصير عن أبي جعفر قال: "من وجد شيئاً فهو له، فليتمتّع به حتّى يأتيه طالبه، فإذا جاء طالبه ردّه إليه"(2). إلا أنّ سند الحديث ضعيف.

9 ـ رواية إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة، فوجد فيه نحواً من سبعين درهماً مدفونة، فلم تزل معه ولم يذكرها حتّى قدم الكوفة، كيف يصنع؟ قال: "يسأل عنها أهل المنزل لعلّهم يعرفونها". قلت: فإن لم يعرفوها؟ قال: "يتصدّق بها"(3). وهي تامّة سنداً.

إلا أنّ هذا الحديث أيضاً يبدو أنّه أجنبيّ عن المقام، فهذا المال إن لم يعرفه أهل المنزل عدّ كنزاً، وهذا الحديث حاله حال أحاديث الكنز، إلا أنّ هذا الحديث حكم بالتصدّق، بينما غالبية أحاديث الكنز حكمت بإعطاء الخمس ويعني ذلك تملّك الباقي. وعلى أيّ حال، فأحاديث الكنز أجنبية عن المقام؛ لاحتمال الفرق إمّا على أساس أنّ احتمال هلاك ملاكه قويّ، وإمّا لعدم إمكانية التعريف بالكنز عادةً لسعة دائرة الجهالة، وسنعود إلى البحث عن ذلك إن شاء الله.

10 ـ رواية فضيل بن غزوان رواها الشيخ ـ بسند غير تامّ لنا ـ عن فضيل بن غزوان قال: كنت عند أبي عبد الله فقال له الطيّار: إنّ حمزة ابني وجد ديناراً في الطواف قد انسحق كتابته؟ قال: "هو له"(4).

ورواه الكليني بسند تامّ عن فضيل بن غزوان، إلا أنّه قال: فقال له الطيّار: إنّي وجدت ديناراً... إلخ(5).

إلا أنّ من المحتمل كون هذا السؤال في أيّام الحجّ وكان قد وجد الدينار في طواف الناس المجتمعين من شتّى أنحاء البلاد فلم يكن يمكن التعريف على أساس سعة دائرة الجهالة، وسنعود إلى البحث عن ذلك إن شاء الله.


(1) انظر: المصدر السابق: 359، كلا حديثي الباب. من اللقطة.
(2) المصدر السابق: 354، ب. من اللقطة، ح 2.
(3) المصدر السابق: 355، ب. من اللقطة، ح 3.
(4) المصدر السابق: ح 4، و ص 368، ب 17 من اللقطة، ح 1.
(5) الكافي 4: 239، كتاب الحج، باب لقطة الحرم، ح 3، ووسائل الشيعة 9: 362، ب 28 من مقدمات الطواف، ح 6.