المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

38

2 ـ رواية الشيخ بسنده إلى عليّ بن مهزيار عن محمّد بن رجاء الخيّاط قال: كتبت إليه: إنّي كنت في المسجد الحرام، فرأيت ديناراً فأهويت إليه لآخذه فإذا أنا بآخر، ثمّ بحثت الحصى فإذا أنا بثالث فأخذتها فعرّفتها فلم يعرفها أحد، فما تأمرني في ذلك جعلت فداك؟ قال: فكتب إليّ: "قد فهمت ما ذكرت من أمر الدينارين" تحت ذكْري موضع الدينارين، ثمّ كتب تحت قصّة الثالث: "فإن كنت محتاجاً فتصدّق بالثلث، وإن كنت غنيّاً فتصدّق بالكلّ".

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن عيسى عن محمّد بن رجاء الخيّاط قال: كتبت إلى الطيّب، وذكر نحوه (1).

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى عن محمّد بن رجاء الارجاني قال: كتبت إلى الطيّب: إنّي كنت في المسجد الحرام، فرأيت ديناراً فأهويت إليه لآخذه فإذا أنا بآخر، فنحّيت الحصى فإذا أنا بثالث فأخذتها، فعرّفتها فلم يعرفها أحد فما ترى في ذلك؟ فكتب: "فهمت ما ذكرت من أمر الدنانير، فإن كنت محتاجاً فتصدّق بثلثها، وإن كنت غنيّاً فتصدّق بالكلّ" (2).

وتقريب الاستدلال بهذا الحديث هو أن يقال: إنّ المفهوم عرفاً من قوله: "فعرّفتها فلم يعرفها أحد" ليس هو التعريف سنة، وإنّما هو ما يتمّ به مسمّى التعريف ولو لمرّة واحدة، فجوابه يخالف فرض وجوب التعريف سنة، ويخالف أيضاً فرض وجوب التصدّق بلقطة الحرم حيث اكتفى هنا بالتصدّق بالثلث في فرض الاحتياج، ولا محمل لذلك إلا فرض كون أمر اللقطة راجعاً إلى الإمام فهو ـ بشكل عامّ ـ قد أمر بالتعريف والتصدّق بلقطة الحرم لكنّه سمح للسائل في قصّته بترك التعريف سنة وبالاكتفاء بالتصدّق بالثلث إذا كان محتاجاً.

إلا أنّه قد يقال: إنّ بالإمكان الجمع بين هذه الرواية وباقي الروايات بوجه آخر، وهو أن يقال: إنّ دلالة هذه الرواية على عدم اشتراط التعريف سنة ليس إلا بظهورٍ يمكن رفع اليد عنه بتصريح الروايات الاُخرى بلزوم التعريف سنة، وأمّا تجويزه للاكتفاء بالتصدّق بقسم من المال عند الاحتياج فليكن مقيّداً لإطلاق دليل التصدّق.

ولو لم يتمّ هذا الجمع فلعلّنا نقول بالتعارض لا بالحمل على كون أمر اللقطة متروكاً للإمام. ومع هذا، فالحديث ساقط سنداً.


(1) المصدر السابق: 367، ب 16 من اللقطة، ح 2.
(2) المصدر السابق 9: 362، ب 28 من مقدّمات الطواف، ح 7.