المولفات

المؤلفات > بحث في اللقطة ومجهول المالك

34

وقد ورد في نظير ذلك الحكم بأنّه كسبيل مالك، والحكم بالتصدّق، والحكم بأنّه للإمام، والحكم بإبقائه على حاله؛ وكأنّ المقصود منه حفظه أمانةً.

أمّا الأخير: فهو ما عرفت من رواية الهيثم.

وأمّا الثالث: فكما ورد عن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن في رجل كان في يده مال لرجل ميّت لا يعرف له وارثاً كيف يصنع بالمال؟ قال: "ما أعرفك لمن هو يعني نفسه" (1). إلا أنّه ضعيف سنداً.

وأمّا الثاني: فكما مضى من رواية نصر بن حبيب صاحب الخان (2). وقد مضى أنّها ضعيفة سنداً.

وأمّا الأوّل: فكالروايات الماضية ـ نحو ما ورد عن هشام بن سالم (3)

وما ورد عن خطّاب الأعور (4) ـ وصدر الرواية الاُولى منها يدلّ أيضاً على التصدّق على المساكين، ويمكن استفادة جواز التصدّق على غير المساكين أيضاً بفحوى ما في ذيلها من جواز جعله كسبيل ماله، فإذا كان المال يجوز تملّكه أو الاستفادة منه ولا يجب حفظ عينه للمالك بدليل جواز التصدّق به على المساكين بضمان، إذن فجواز التصدّق به على غير المساكين أولى من تملّكه.

هذا، والرواية الأخيرة من تلك الروايات المذكورة يحتمل ورودها في الأجر الكلّي الباقي في الذمّة ويبدو لي احتمال الفرق بينه وبين العين الشخصية، ولكن تكفي الروايتان الاُوليان.

وعلى أيّ حال، فمقتضى الجمع بين روايات التملّك أو إباحة التصرّف ورواية الحفظ كأمانة، هو التخيير بينهما وأنّ الملك ليس قهريّاً، فلئن لم يمكن التعدّي ـ في مسألة الملك ـ من مورد هذه الروايات إلى مورد اللقطة لاحتمال الخصوصية ـ لما مضى من أنّ من المحتمل كون نفس الالتقاط مثقّلاً للتكليف على الملتقط ـ فلا يبعد صحّة التعدّي بلحاظ مسألة الحفظ أمانةً، لكنّ هذا التعدّي مشروط بأن نقول بعدم قهرية الملك في اللقطة، فنفس هذه الرواية ـ وهي رواية الهيثم بن أبي روح ـ لا تصلح دليلاً على عدم كون الملك في اللقطة بعد التعريف سنة قهريّاً، مضافاً الى كونها ساقطة بضعف السند.


(1) المصدر السابق: 586، ح 12. و: ص 551، ب. من ولاء ضمان الجريرة، ح 13.
(2) المصدر السابق: 583، ب. من ميراث الخنثى، ح 3.
(3) المصدر السابق: 553، ب. من ولاء ضمان الجريرة والامامة، ح 7. و 585، ب. من ميراث الخنثى، ح 10.
(4) المصدر السابق: 582، ب. من ميراث الخنثى، ح 1.