المولفات

المؤلفات > التعزير أنواعه و ضوابطه

8

نعم، توجد رواية واحدة باطلاقها تشمل فرض الجلد، ولعلّها تنفي أمارية الوجدان في ثوب واحد، وهي ما عن حريز بسند تام عن أبي عبد الله قال: «القاذف يجلد ثمانين جلدة، ولا تقبل له شهادة أبداً إلّا بعد التوبة، أو يكذب نفسه، فإن شهد له ثلاثة وأبى واحد يجلد الثلاثة ولا تقبل شهادتهم حتّى يقول أربعة: رأينا مثل الميل في المكحلة»(1).

فهي تدلّ على أنّ العملية لا تثبت إلّا بالرؤية كالميل في المكحلة، ولم تفصّل بين الرجم والجلد، إلّا أنّ أصل فرض اشتراط رؤية الدخول كالميل في المكحلة غريب فإنّه لعلّه لا يتّفق أصلا بينما يروى في زمن المعصومين(عليهم السلام) أنّه وقعت شهادات بالزنا ورتّب عليها الأثر. فما نقول به في خصوص الرجم أو مطلقاً إنّما هو رؤية ما يلازم عادة الدخول، لا رؤية أصل الدخول.

على أنّ هذه الرواية لعلّها لا تعارض روايات الاكتفاء في الجلد برؤيتهما في لحاف واحد وما استظهرنا منها من أمارية ذلك على لزوم الجلد مثلاً إذ لا منافاة بين هذه الأمارية بلحاظ حكم الجلد مثلاً وبين عدم جواز الشهادة بالزنا ما لم يره بحيث لو شهد بذلك من دون رؤية يجري عليه حدّ القذف وإنّما كان من حقّه أن يشهد باجتماعهما في ثوب واحد، وكأنّ بهذا يثبت الجلد ما دامت له أمارية على الزنا، فهذه الأمارية ممضاة مثلاً بمقدار ثبوت الجلد، لا بمقدار جواز الشهادة بالزنا.

هذا، ولكن الانصاف ـرغم كلّ ما ذكرناهـ أنّ حمل الروايات على كون اجتماعهما في ثوب واحد أمارة على الزنا بمقدار الجلد بعيد، والقرائن التي ذكرناها ليست قويّة، هذا.

وحمل السيّد الخوئي روايات ثبوت الحدّ بمجرّد رؤيتهما في لحاف واحد على التقيّة بقرينة ما ورد بسند تام عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنت عند أبي عبد الله، فدخل عليه عبّاد البصري ومعه اُناس من أصحابه، فقال له: حدّثني عن الرجلين إذا اُخذا في لحاف واحد؟ فقال له: «كان عليّ إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحدّ، فقال له عباد: إنّك: قلت لي غير سوط، فأعاد عليه ذكر الحديث (الحدّ ـخ) حتّى أعاد ذلك مراراً، فقال: غير سوط، فكتب القوم الحضور عند ذلك الحديث(2)»، فكأنّ امتناعه أوّلا كان تقية من جماعة عبّاد البصري إلى أن اضطرّ على أثر الإصرار إلى ذكر الحقيقة(3).


(1) الوسائل 18: 433، ب. من حدّ القذف، ح 5.
(2) الوسائل 18: 363 و 364، ب 10 من حدّ الزنا، ح 2.
(3) راجع مباني تكملة المنهاج 1: 242.