المولفات

المؤلفات > التعزير أنواعه و ضوابطه

20

بيان ذلك: إنّ المقصود بالتعزير في هذه الرواية ليس مطلق التأديب والمنع بعمومه اللغوي الذي يشمل حتّى الحدّ كما هو واضح، فبداهة عدم شموله لمورد الحدّ قرينة عرفية كالمتصل على أنّ المقصود بالتعزير هو ما إذا كان الهدف مجرّد التأديب والمنع، وإن كان بالتحليل يؤدّي إلى أهداف اُخرى أيضاً، أمّا إذا كان هناك هدف آخر كإجراء حدود لله ـلما لها من نوع استقلاليّة عن التأديب وأنّها لا تسقط بالتوبة بعد الوصول إلى الحاكمـ أو استئصال أصل الضرر الاجتماعي الذي هو شيء إضافي على أصل تأديب هذا الشخص عرفاً فهذا خارج عن إطلاق الرواية.

وإن شئت فقل: إنّ إطلاق الرواية حيثي، فهي تدلّ على أنّ التعزير من حيث هو تعزير لا يصل إلى مستوى الحدّ، ولا تدلّ على عدم جواز الاضافة على ذلك لأهداف اُخرى، فنرجع في ذلك إلى إطلاق دليل ولاية الفقيه، فهذان موردان لجواز الضرب أكثر من الحدّ:

أحدهما: ما لو علمنا بعدم الارتداع بالأقلّ.

والثاني: ما لو كان استئصال أصل الخطر الاجتماعي مطلوباً في نفسه بغضّ النظر عن تأديب هذا الشخص، ولئن كان المورد الثاني قابلاً للتردّد والشكّ فالأمر في المورد الأوّل واضح في رأيي، هذا.

فخلاصة الأمر هي عدم التقيّد بمقدار ما دون الحدّ، أمّا في خصوص ما إذا علمنا بعدم الارتداع بذلك أو يضاف إلى ذلك ما إذا كان إنجاء المجتمع عن ضرره هدفاً مستقلاًّ غير تأديبه وردعه. أمّا في غير هذين الموردين فلا يجوز بلوغ الضرب إلى الثمانين.

بل لعلّ العرف يتعدّى من الضرب إلى سائر أنواع التأديب كالتغريم، فالأحوط أن لا يزيد أيّ لون من ألوان التأديب عن مقدار يرى عرفاً أشدّ من تسعة وسبعين سوطاً.

المناقشة الرابعة ـ ما يرد بخصوص الحبس من ورود النهي عنه في غير الغاصب وآكل مال اليتيم، وقد دلّت على ذلك رواية زرارة المتقدّمة، ومضى بمضمونها أيضاً حديث غير تام السند(1).


(1) الوسائل 18: 578، ب5 من بقية الحدود، ح1.