المولفات

المؤلفات > بحث في الاستنساخ البشري

9

وهذه الأقسام الثلاثة للاستنساخ يسمّى الأوّل والثالث منها بالاستنساخ التقليدي، والثاني منها بالاستتئام. وسرّ تسمية الأوّل والثالث منها بالاستنساخ التقليدي هو: أنّ ما يحصل منهما من نتاج يكون نسخة ثانية ومقلّدة للنسخة الاُولى: إمّا نسخة للعضو، أو نسخة للإنسان، أو الحيوان، في حين أنّ التوائم في الاستتئام كلّها في عرض واحد، وليس بعضها تقليداً لبعض.

وقد انتهينا إلى هنا من المقدّمات التي توضّح حقيقة الاستنساخ.

أمّا البحث عن حكم ذلك، فتارةً يكون عن جواز نفس الاستنساخ في شريعة الإسلام، واُخرى يكون عمّا يترتّب من الأحكام على الحصيلة المتحصّلة بهذه العمليّة:

أمّا البحث عن جواز أصل عمليّة الاستنساخ، فلاريب في أنّه يجب في ذلك الاجتناب عن المحرّمات التي ربّما يكون الإقدام على ذلك مصاحباً لها، فليجتنب مثلاً عن مسّ الأجنبيّ أو الأجنبيّة لبدن إنسان تُؤخذ منه الخليّة، وكذا النظر إلى ما يحرم النظر إليه، ونظر غير الزوجين إلى عورة غيرهما وإن كان من المحارم.

إلّا أنّ هذه الأحكام أحكام مستقلّة، إذا لم يراع أمثالها، لم يوجب ذلك حرمة نفس الاستنساخ.

نعم، في الاستنساخ التقليدي للإنسان قد يقال: إنّ استنساخه بشكل وافر يخلق الهرج والمرج في المجتمع: كإمكانيّة اشتباه المجرم كثيراً، وتكثّر الإجرام، وإخفاء الجرم دائماً، وما إلى ذلك.

إلّا أنّ هذا أيضاً إن تحقّق فهو خاصّ بصورة غير ملازمة، فلايحرّم الاستنساخ الفردي القليل مثلاً.

وفي الاستتئام قد يقال: إنّه يحرم إعدام النطفة وإلقاؤها من الرحم في جميع مراحل وجودها كما دلّت على ذلك روايات معتبرة من قبيل موثّقة إسحاق بن عمّار: «قلت لأبي الحسن: المرأة تخاف الحبل، فتشرب دواءً، فتلقي ما في بطنها؟ قال: لا. فقلت: إنّما هو نطفة. فقال: إنّ أوّل ما يخلق نطفة»(1). ونظيرها صحيحة رفاعة: قال: «قلت لأبي عبدالله: أشتري الجارية، فربّما احتبس طمثها من فساد دم أو ريح في رحم، فتسقى دواءً لذلك، فتطمث من يومها، أفيجوز لي ذلك وأنا لاأدري من حبل هو أو غيره؟ فقال لي: لاتفعل ذلك. فقلت له: إنّه إنّما ارتفع طمثها منها شهراً، ولو كان ذلك من حبل إنّما كان نطفة كنطفة الرجل الذي يعزل. فقال لي: إنّ النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة، ثُمّ إلى مضغة، ثُمّ إلى ما شاء الله، وإنّ النطفة إذا وقعت في غير الرحم، لم يخلق منها شيء، فلاتسقها دواءً إذا ارتفع طمثها شهراً وجاز وقتها الذي كانت تطمث فيه»(2).


(1) راجع الوسائل، الباب. من القصاص في النفس.(2) راجع الوسائل، الباب 33 من أبواب الحيض.