المولفات

المؤلفات > بحث في الاستنساخ البشري

6

والقصد من ذلك: أنّه إذا أخصب منويّ ناضج بُيَيْضَة ناضجة باختراق جدارها السميك، التحمت نواتهما إلى نواة واحدة ذات ثلاثة وعشرين زوجاً لافرداً (46) من الأجسام الصبغيّة كما هي سائر خلايا جسم الإنسان، فكأنّهما جسمان التحما إلى خليّة واحدة هي البُيَيْضَة الملقّحة. وهي اُولى مراحل الجنين».

ثُمّ أفاد الفرق في تكاثر الخلايا الجنسيّة وخلايا الجسم بأنّ البُيَيْضَة الملقّحة تشرع في الانقسام إلى خلايا مماثلة لعدد محدود من الأجيال، فما تكاد تُفضي إلى كتلة من اثنتين وثلاثين خليّة حتّى تتفرّع خلايا الأجيال التالية إلى اتّجاهات وتخصّصات شتّى ذات وظائف متباينة، وتتخلّق إلى خلايا الجلد والأعصاب والأمعاء وغيرها، أي: تنمو إلى تكوين جنين ذي أنسجة وأعضاء مختلفة ومتباينة(1).

فهو ـ كما ترى ـ قد صرّح في تكاثر خلايا الجسم بأنّ نواتها تنمو، وتنشقّ نصفين، وتلتقط، وتستفيد من الموادّ اللازمة الموجودة في السائل الخلويّ، وعطف على ذلك تكاثر الخلايا الجنسيّة، وذكر:

أنّ غاية الفرق بينهما: أنّ البُيَيْضَة الملقّحة ذات ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموزومات، وأنّ تكاثرها المشابهي إنّما يصل إلى اثنتين وثلاثين خليّة، ثُمّ تتفرّع الأجيال التالية إلى تخصّصات شتّى ذات وظائف متباينة، ففي تكاثر الخلايا المحقّقة للنطفة أيضاً إنّما تنمو النواة المتحقّقة من المنيّ والبُيَيْضَة، وليس (السيتوبلازم) إلّا غذاءً مناسباً لها.

وبهذا ظهر أنّه إن ابتُلِت امرأة متزوّجة بمرض في سيتوبلازمها، فنقلت نواة بُيَيْضتها بعد تلقيحها بمضاجعة الزوج مكان نواة بُيَيْضة امرأة اُخرى مسلوبة النواة، وجعلت في رحم الثانية؛ كي يستفيد الجنين من سيتوبلازمها السالم، فالاُمّ الحقيقية لهذا الجنين هي تلك الزوجة، وليست صاحبة السيتوبلازم، ولا كلَّ واحدة منهما ولامجموعَهما؛ لأنّ السيتوبلازم لم يكن إلّا غذاءً، والذي نما إنّما هو نواة الزوجة.

 

القسم الثالث من الاستنساخ:

أن نأخذ خليّة بُيَيْضة امرأة غير ملقّحة،فننزع نواتها، هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرى نأخذ خليّة بعض أعضاء رجل أو امرأة ولو كانت نفس هذه الامرأة صاحبة البُيَيْضَة، فنأخذ مثلاً خليّة جلده، ونجعل هذه الخليّة مكان نواة البُيَيْضَة المنزوعة النواة، ثُمّ نجعل هذه الخليّة المتكوّنة بهذا الشكل في داخل رحم امرأة، فتشرع في التكاثر إلى أن تبلغ اثنتين وثلاثين خليّة، ثُمّ تصل إلى مراحل رشد الجنين، ويولد طفل يكون من جميع الخصوصيّات والجهات نسخة ثانية لصاحب الجلد في المثال المفروض الذي أخذنا منه خليّة جلده.


(1) نقلناه عن صورة فتوغرافيّة من الرسالة: 3.