المولفات

المؤلفات > بحث في الاستنساخ البشري

2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

إنّ الثورة العلميّة التي تثير في كلّ زمان حديثاً جديداً بعد آخر قد وُفّقت ـ بحسب ما يقوله علماء الفنّ الجينيّ وغيرهم ـ لاستنساخ عضو أو نبات أو حيوان بطرق مختلفة مُبيَّنة، وقد ينتهي الأمر إلى استنساخ الإنسان، ولذلك فعلى العالِم الدينيّ المسلم أن يُبيِّن حكم ذلك بالنسبة إلى الإنسان بعد أن يأخذ بعين الاعتبار ما يقوله اُولئك العلماء في بيان ماهيّة الاستنساخ بحسب ما أبرزوه في كتبهم، فلابدّ لتبيين المطلب من ذكر مقدّمات:

 

المقدّمة الاُولى:

إنّ جسم كلّ شيء مادّي من الإنسان والحيوان يتألّف من أجزاء صغيرة متّصلة، وكلّ جزء لايكون أصغر منه يسمّى بالخليّة، والخليّة ذات غشاء خاصّ، ولهذه الخليّة نواة هي بمنزلة لبّ الخليّة، ومادّة سائلة أحاطت بالنواة يعبّر عنها بالسائل الخلوي، أو السيتوبلازم، وفي داخل النواة شبكة مكوّنة من ستّة وأربعين شريطاً يُسمّى مجموعها: (الكروموزومات).

والخلايا الجسديّة كلّها على هذا العدد من الأشرطة باستثناء الخلايا الجنسيّة، أعني: خلايا المنيّ الذي تفرزه الخُصْية في الرجال وخلايا بُيَيْضَة النساء التي يفرزها المِبْيَض؛ فإنّ هذه الخلايا الجنسيّة وإن شاركت خلايا الجسم في اشتمالها على غشاء خاصّ، وعلى السائل الخلوي (السيتوبلازم)، والنواة، ولكن نواتها تحتوي على ثلاثة وعشرين (كروموزوماً) لاعلى ستّة وأربعين.

 

المقدّمة الثانية:

إنّ تكوّن الإنسان أو الحيوان الذي تلده اُمّه بطريق الحمل والتوالد الطبيعي يكون باختلاط واندماج خليّة المنيّ من الأب وخليّة البُيَيْضَة من الاُمّ في داخل رحم الاُمّ لدى الإنزال، وتتحقّق بالاندماج خليّة جديدة واجدة لستّة وأربعين (كروموزوماً)، هي مجموع كروموزومات خليّة المنيّ والبُيَيْضَة، وتتغذّى هذه الخليّة داخل الرحم، وتتكثّر، فتنقسم إلى خليّتين، ثُمّ أربع خلايا، ثُمّ ست عشرة، ثُمّ اثنتين وثلاثين. وكلّ هذه الخلايا أمثال سواء من جميع الجهات والخصوصيّات، إلّا أنّها إذا بلغت الاثنتين والثلاثين، لاتتكاثر مثل السابق بهذه الخصوصيّات، بل تصبح كلّ خليّة منها موظّفة بأعمال خاصّة بحسب ما قدّره الله تعالى في الإنسان والحيوان من الأعضاء المختلفة التي يتكوّن الإنسان أو ذاك الحيوان منها: فمنها ما يحقّق الجلد، ومنها ما يحقّق اللحم، ومنها ما يحقّق العظم، أو المخّ، أو القلب... وما إلى ذلك، فكأنّه ليس في كلّ واحدة منها إلّا مبدأ ذاك العضو الذي جُعل باختيارها حتّى يصبح الجنين طفلاً كاملاً تلده الاُمّ خلقاً سويّاً.