المولفات

المؤلفات > نظرة الإسلام إلى الحقوق الزوجيّة

2

الأساس الأوّل: الإيمان بأنّ الحياة الموحّدة المشتركة بحاجة إلى قيادة موحّدة، وهذا هو أساس جعل الإسلام القيمومة في الحياة الزوجيّة دون حياة الأخ واُخته، أو الأب وبنته غير المتزوّجة. فتخصيصُ فكرة القيمومة بالحياة الزوجيّة دون غيرها يدلّ على أنّ الإسلام لاينظر إلى الاُنثى كوجود ناقص يحتاج إلى قيّم ووليّ، بل يراها حرّة في تصرّفاتها وفي قيمومتها على نفسها وعلى حياتها كالرجل؛ ولذا لم يَفْترِض قيمومة للأخ على الاُخت، أو للأب على البنت؛ لأنّه لم يكن المفروض في نظر الإسلام على الاُخت أو البنت أن تشكّل حياةً موحّدة مع الأخ أو الأب، بل ترك ذلك إلى الأحوال والملابسات. فلو اتّفقا بحسب الأحوال والملابسات على الاشتراك في الحياة الموحّدة، لأصبحت عادة القيمومة بيد أقواهما وأقدرهما وأعقلهما، لاكفرض من قبل القانون الإسلامي، بل كاختيار عملي من قبلهما، كما كان أصل الاشتراك في الحياة الموحّدة اختياريّاًمنهما، وهذا بخلاف الحال في الزوج والزوجة اللذين هما النواة الأساسيّة في الإسلام للمجتمع الاُسري الذي هو النواة في الإسلام للمجتمع كلّه. فاشتراكهما في حياة موحّدة أمرٌ مفروض من قبل الإسلام، وكذلك تطبيق فكرة القيادة الموحّدة لهذه الحياة أصبح أمراً مفروضاً من قبل الإسلام.

الأساس الثاني: أفضليّة الرجل على المرأة في غلبة الجانب العقلي فيه على الجانب العاطفي، بعكس ما هو الحال في المرأة من ناحية، وفي القوّة المزاجيّة وقدرته على الصمود أمام المشاكل والتغلّب عليها والاحتجاج لدى الخصم من ناحية اُخرى، قال الله تعالى: ﴿أَوَ مَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين﴾(1)، وقال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾(2)، فهذا الأساس الثاني هو الذي أوجب أن تكون القيمومة المفترضة في الأساس الأوّل بيد الزوج دون الزوجة، وهذه القيمومة اقتضت:

أوّلاً: أن تكون رؤوس خيوط الحياة الزوجيّة بيد الزوج على شكل الحتم والوجوب، وعلى هذا الأساس جُعلت النفقة بيد الزوج، وجعل خروج الزوجة من البيت مشروطاً بإذن الزوج، وجعل التمتّع الجنسي في حالاته الغالبة بيد الزوج، وجعل إنهاء الحياة الزوجيّة بالطلاق، وكذلك الرجوع إليها في العدّة بيده، وكان المهر الذي فرض في أصل عقد هذه الحياة عليه وليس عليها(3).

وثانياً: استحباب إعطاء الزوجة زمام اُمورها الشخصيّة بيد الزوج. أمّا لماذا صار هذا مستحبّاً ولم يصبح واجباً؟ فهذا ما يتّضح من مجموع ما سنذكره في ضمن بحثنا عن الأساسين الرابع والخامس إن شاء الله.


(1) سورة الزخرف، الآية: 18.
(2) سورة النساء، الآية: 34.
(3) وذكر المرحوم الشهيد آية الله المطهّري (رحمه الله) نكتة اُخرى لجعل المهر على الزوج دون الزوجة، وهي: كون ذلك مناسباً لمزاج الرجل والمرأة، فمزاج الرجل أقرب إلى الطلب والتعشّق بالمرأة، ومزاج المرأة أقرب إلى تقبّل طلب الرجل وتعشّقه بها.