المولفات

المؤلفات > منهاج الصالحين

6

استخدام العناصر المشتركة وتطبيقها في عمليّة الاستنباط على العناصر الخاصّة في الميدان الفقهيّ؛ إذ إنّه كلّما كان البحث الاُصوليّ أدقّ وأعمق وكان التفكير الاُصوليّ في تكوين النظريّات العامّة والعناصر المشتركة أكثر دقّة وصرامة استدعى ذلك دقّة أكثر في عمليّات التطبيق على العناصر الخاصّة في الفقه، لوضوح أنّ الترابط بين العمليّتين والتفاعل بينهما في تمام المراحل يستدعي أنّه إذا بلغ مستوى التفكير الاُصوليّ درجة بالغة من الدقّة والعمق بلغ مستوى التفكير الفقهيّ التطبيقيّ الدرجة نفسها. فإنّ النظريّات العامّة الاُصوليّة كلّما كانت موضوعة في صيغ أكثر عمقاً وصرامة وأكبر دقّة كانت أكثر غموضاً، وتطلّبت في مجال التطبيق دقّة أعلى والتفاتاً أكثر. إذن، ترتبط دقّة النتائج الفقهيّة إلى حدّ كبير بالجانب النظريّ الفنّيّ من الاستنباط، فكلّما كان الجانب الفنّيّ من الاستنباط قائماً على دقّة أعلى كانت النتائج الفقهيّة أقرب إلى الصواب.

وقد تأثّر الجانب الفنّيّ من الاستنباط بالبحث الاُصوليّ في المدرسة الاُصوليّة التي تبنّاها السيّد المرجع ـ مدّ ظلّه ـ والمتمثّلة بمدرسة اُصوليّة أحدثت ثورة علميّة تغييريّة في مجال علم الاُصول شملت اُمّهات المسائل في هذا العلم، أسّس لها اُستاذه المرجع الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر رضوان الله عليه، وتبنّى السيّد المرجع تقريرها وشرحها وتحليلها والتعليق عليها أو المناقشة في بعض مفرداتها ممّا زادها نضوجاً وعمقاً ممّا لايمكن في هذه العجلة بيانه المفصّل، لكن نشير بشكل مختصر لبعض المسائل الاُصوليّة التي حصل فيها تغيير أو جيء فيها بنظريّات جديدة كنموذج لسعة التغيير الذي حدث في إطار هذه المدرسة الاُصوليّة كشاهد لما تمتاز به من دقّة وإبداع وتجديد:

1 ـ السيرة المتشرّعيّة والعقلائيّة:

لم يكن مألوفاً لدى الاُصوليّين أن يخصّصوا مبحثاً مستقلاًّ لبحث السيرة بشقّيها في علم الاُصول برغم تمسّكهم بها في مقام الاستنباط في مواضع عدّة، فلم تبحثشرائط صحّة التمسّك بكلّ من شقّي السيرة وكيفيّة إثبات توفّر تلك الشروط،