المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

88

كان قد علم بمصيرنا إليه، فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف،فطووا عليه بساطه وخرجوا حتّى دخلوا على المأمون.

فقال: ما صنعتم؟ قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أميرالمؤمنين. قال: لا تعيدوا شيئاً ممّا كان(1).

فلمّا كان عند تبلّج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلّل الأزرار، وأظهر وفاته وقعد للتعزية، ثمّ قام حافياً فمشى لينظر إليه وأنا(2) بين يديه، فلمّا دخل عليه حجرته سمع همهمة فارعد(3)، ثمّ قال: من عنده؟ قلت: لا علم لنا يا أميرالمؤمنين، فقال: أسرعوا وانظروا. قال صبيح: فأسرعنا إلى البيت فإذا سيّدي(عليه السلام)جالس في محرابه يصلّي ويسبّح.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، هو ذا نرى شخصاً في محرابه يصلّي ويسبّح، فانتفض(4) المأمون وارتعد ثمّ قال: غرّرتموني لعنكم الله، ثمّ التفت إليّ من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح، أنت تعرفه فانظر من المصلّي عنده؟ قال صبيح: فدخلت وتولّى المأمون راجعاً، فلمّا صرت عند عتبة


(1) أي: لا تخبروا أحداً بما كان.

(2) أي: صبيح.

(3) أي: أخذ يرتعد، أي: يرتجف.

(4) أي: تحرّك واهتزّ.