المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

87

عن هرثمة بن أعين قال:...«كان في بعض ثقات المأمون غلام يقال له: صبيحالديلميّ، وكان يتولّى سيّدي الرضا حقّ ولايته، وإذا صبيح قد خرج، فلمّا رآني قال لي: يا هرثمة، ألست تعلم أنّي ثقة المأمون على سرّه وعلانيّته؟ قلت: بلى. قال: اعلم يا هرثمة أنّ المأمون دعاني وثلاثين غلاماً من ثقاته على سرّه وعلانيّته في الثلث الأوّل من الليل، فدخلت عليه وقد صار ليله نهاراً من كثرة الشموع وبين يديه سيوف مسلولة مشحوذة مسمومة.

فدعا بنا غلاماً غلاماً وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه وليس بحضرتنا أحد من خلق الله غيرنا، فقال لنا: هذا العهد لازم لكم، إنّكم تفعلون ما أمرتكم به ولا تخالفوا منه شيئاً. قال: فحلفنا له. فقال: يأخذ كلّ واحد منكم سيفاً بيده وامضوا حتّى تدخلوا على عليّ بن موسى الرضا، فإن وجدتموه قائماً أو قاعداً أو نائماً فلا تكلّموه وضعوا أسيافكم عليه، واخلِطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخّه، ثمّ اقلبوا عليه بساطه، وامسحوا أسيافكم به وصيروا إليّ، وقد جعلت لكلّ واحد منكم على هذا الفعل وكتمانه عشر بدر دراهم، وعشر ضياع منتجبة، والحظوظ عندي ما حييت وبقيت.

قال: فأخذنا الأسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته، فوجدناه مضطجعاً يقلّب طرف يديه ويتكلّم بكلام لا نعرفه، قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعتُ سيفي(1) وأنا قائم أنظر إليه، وكأنّه قد


(1) أي: لم أرفعه إليه.