المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

78

وتجاوزت قدرك أن بعث الله تعالى بمطر مقدّر وقته لا يتقدّم ولا يتأخّر، جعلته آيةً تستطيل بها وصولةً تصول بها، كأنّك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم(عليه السلام) لمّا أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال فأتينه سعياً وتركّبن على الرؤوس، وخفقن وطرن بإذن الله؟ فإن كنت صادقاً فيما توهّم فأحي هذين وسلّطهما عليّ، فإنّ ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأمّا المطر المعتاد مجيئه فلست أحقّ بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت. وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند مأمون الذي كان مستنداً إليه، وكانا متقابلين على المسند.

فغضب عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) وصاح بالصورتين: دونكما الفاجر! فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً، فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين، فتناولا الحاجب وعضّاه ورضّاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه والقوم ينظرون متحيّرين ممّا يبصرون، فلمّا فرغا منه أقبلا على الرضا(عليه السلام)وقالا: يا وليّ الله في أرضه، ماذا تأمرنا نفعل بهذا، أنفعل به فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون، فغشي على المأمون ممّا سمع منهما، فقال الرضا(عليه السلام) قفا فوقفا.

ثمّ قال الرضا(عليه السلام): صبّوا عليه ماء ورد وطيّبوه، ففُعل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نُلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال: لا، فإنّ لله فيه تدبيراً هو ممضيه. فقالا: ماذا تأمرنا؟ فقال: عودا إلى