المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

76

وتشوّقاً بهذا المطر الوارد عند دعائه، ما أخوفني أن يُخرِج هذا الرجل هذا الأمر عن وُلْد العبّاس إلى وُلْد عليّ، بل ما أخوفني أن يتوصّل بسحره إلى إزالة نعمتك والتوثّب على مملكتك، هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟!

فقال المأمون: قد كان هذا الرجل متستّراً عنّا يدعو إلى نفسه، فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنّه ليس ممّا ادّعى في قليل ولا كثير، وأنّ هذا الأمر لنا من دونه، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحال أن ينفتق علينا منه ما لا نسدّه، ويأتي علينا منه ما لا نطيقه.

والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلنا، وأخطأنا في أمره بما أخطأنا، وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا، فليس يجوز التهاون في أمره، ولكنّا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلاً حتّى نصوّره عند الرعيّة بصورة من لا يستحقّ لهذا الأمر، ثم ندبّر فيه بما يحسم عنّا موادّ بلائه.

قال الرجل(1): يا أميرالمؤمنين، فولّني مجادلته، فإنّي اُفحمه وأصحابه وأضع من قدره، فلولا هيبتك في صدري لأنزلته منزلته، وبيّنت للناس قصوره عمّا رشحته له.

قال المأمون: ما شيء أحبّ إليّ من هذا.

 


(1) وهو حميد بن مهران.