المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

72



الرشيد»، فبكى المأمون ثمّ قال له: «يا ابن رسول الله، ومن الذي يقتلك أو يقدر على الإساءة إليك وأنا حيّ؟»، فقال الرضا(عليه السلام): «أما إنّي لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت». فقال المأمون: «يا ابن رسول الله، إنّما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك; ليقول الناس: إنّك زاهد في الدنيا».

فقال الرضا(عليه السلام): «والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ وجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإنّي لأعلمُ ما تريد». فقال المأمون: «وما اُريد؟»، قال: «الأمان على الصدق ]يعني أعطني أماناً على الصدق[». قال: «لك الأمان». قال: «تريد بذلك أن يقول الناس: إنّ عليّ بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً في الخلافة؟!»، فغضب المأمون ثمّ قال: «إنّك تتلقّاني أبداً بما أكرهه وقد أمِنت سطوتي، فبالله اُقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلّا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلّا ضربت عنقك».

فقال الرضا(عليه السلام): «قد نهاني الله عزّ وجلّ أن اُلقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الأمر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك على أنّي لا اُولّي أحداً، ولا أعزل أحداً، ولا أنقض رسماً ولا سنّةً، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً». فرضي منه بذلك وجعله وليّ عهده على كراهة منه(عليه السلام)لذلك.