المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

70

لم يكن شيئاً أعطاك الله إيّاه إذن فكيف تعطيني ما لا تملك؟

فأكّد في هذا النصّ الصريح الواضح أنّه هو لا يؤمن بشرعيّة الخلافة للمأمون، وأنّ رفض الخلافة ليس معناه إرجاع الخلافة إليه، وبهذا سجّل النصر الذي كان له أثره الكبير في الحاضر وقتئذ وفي المستقبل في نزع ثوب المشروعيّة عن خلافة المأمون(1).

 


(1) إشارة إلى ما رواه في البحار 49: 128 ـ 129 عن علل الشرايع وعيون أخبار الرضا(عليه السلام) وأمالي الصدوق عن أبي الصلت الهرويّ: «قال: إنّ المأمون قال للرضا عليّ بن موسى(عليه السلام): يا ابن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحقّ بالخلافة منّي. فقال الرضا(عليه السلام): بالعبوديّة لله عزّوجلّ أفتخر، وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شرّ الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّ وجلّ.

فقال المأمون: فإنّي قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك واُبايعك. فقال له الرضا(عليه السلام): إن كانت هذه الخلافة لك وجعلها الله لك فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسكه الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك. فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، لابدّ لك من قبول هذا الأمر. فقال: لست أفعل ذلك طائعاً أبداً. فما زال يجهد به أيّاماً حتّى يئس من قبوله، فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحبّ مبايعتي لك فكن وليّ عهدي، لتكون لك الخلافة بعدي» إلى آخر ما سيأتي نقله إن شاء الله.