المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

54

فكان تأويل قوله عزّ وجلّ: ﴿وَأَبْنَاءَنَا﴾ الحسن والحسين...».

أقول: ولم يكن بإمكانه ـ سلام الله عليه ـ أن يحتجّ على هارون بغير الكتاب وآياته; لأنّ هارون طالبه بأن يأتي بحجّة من كتاب الله. كما لم يكن بإمكانه ـ سلام الله عليه ـ أن يحتجّ على هارون بما هو ثابت في علم اليوم: من أنّ سهم الاُمّ في تكوّن الابن ليس بأقلّ من سهم الأب إن لم يكن أكثر; لأنّ هذا العلم لم يكن منكشفاً يومئذ، فلو كان(عليه السلام)يحتجّ بذلك لكان ينكره هارون.

ومنها: ما رواه في البحار(1): كان ممّا قال هارون لأبي الحسن(عليه السلام)حين اُدخل عليه: «ما هذه الدار؟»(2) فقال(عليه السلام): «هذه دار الفاسقين، قال الله تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَة لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾(3)».

فقال له هارون: «فدار مَن هي؟»، فقال(عليه السلام) «هي لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة»(4).

 


(1) بحار الأنوار: 48:156، الحديث 28 عن الاختصاص.

(2) إشارة إلى قصره المشيد، أو إلى مُلْكه أو إلى الدنيا.

(3) سورة 7 الأعراف، الآية: 146.

(4) هذا شاهد على أنّ هارون لم يكن يقصد بـ «هذه الدار» قصره، بل كان يقصد مُلْكه أو الدنيا.