المولفات

المؤلفات > الجزء الثاني من كتاب الامامة و قيادة المجتمع

37

الذباب على المنصور فذبّه عنه، فعاد فذبّه عنه حتّى أضجره، فدخل عليه جعفر بن محمّد(عليه السلام)، فقال له المنصور: «يا أبا عبد الله، لِمَ خلق الله تعالى الذباب؟»، فقال: «ليذلّ به الجبابرة»(1).

وترى النكتة الحكيمة المشتركة في هذين الموقفين أنّه برغم إظهاره(عليه السلام) للحقّ إتماماً للحجّة على المنصور لم يُعطِ المنصور ذريعة على نفسه، ففي الموقف الثاني لم يصرّح(عليه السلام) له بأنّك أنت ذاك الجبّار، ولا يدري المنصور أنّه(عليه السلام) مطّلع على قصّة الذباب معه حتّى يأخذ ذلك ذريعة عليه، وكذلك في الموقف الأوّل لم يذكر سلام الله عليه: (أنّ دنياك حرام عليك)، واكتفى بذكر: «أنّ من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك».

في حين أنّه(عليه السلام) حينما كان يتكلّم عن أهل الجور بعنوان أهل الجور كان يصرّح بحرمة المرافعة لأجل القضاء عندهم وبحرمة إعانتهم ولو ببناء مسجد.

فانظُرْ إلى قوله(عليه السلام): «أيّما مؤمن قدّم مؤمناً في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله، فقد شركه في الإثم»(2).

وإلى قوله(عليه السلام): «أيّما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حقّ فدعاه


(1) المصدر السابق:370.

(2) الوسائل 27:11، الحديث 1.